للموضوع المتقوم بالظن بثبوت الحكم له.

ثالثها : ان يكون هناك حكم واقعي يشترك فيه العالم والجاهل ، الا ان الحكم الفعلي على طبق ما يؤدى اليه الاجتهاد ، فربما يتوافق الواقعي والفعلي ، وربما يتخالفان ، فيكون التصويب في مرحلة الفعلية ، لا في مرحلة الواقع.

وهذا المعنى من التصويب بلا محذور ، ولا اجماع ولا دليل نقلي على خلافه ، بل كما افيد هو لازم القول بموضوعية الأمارات وسببيتها (١) .

وتوضيح الكلام وتنقيح المرام يستدعي زيادة بسط في الكلام.

فنقول وبالله الاعتصام : مسلك شيخنا قدس سره في هذا الموضع من الكتاب كما في اخر مبحث الاجزاء (٢) - طبقا لما في تعليقته الأنيقة (٣) على الرسائل - ان الاحكام الواقعية احكام انشائية ، وان فعليتها منوطة بعدم المانع ، وانها في نفسها تجامع الجهل بها ، وعليه فالإنشاآت المنبعثة عن مصالح واقعية محفوظة ، سواء كانت هناك مصالح اخر تقتضي الحكم الفعلي على خلافها ام لا ، فلا كسر ولا انكسار في مرتبة الواقع ، بل في مرحلة الفعلية ، ولاجله لا يلزم التصويب ، سواء كان هناك على خلاف الواقع حكم فعلي ام لا.

الا ان هذا المبنى غير صحيح عنده قدس سره كما اشار اليه في اوائل مباحث الظن (٤) ، وان ما تؤدي اليه الأمارة حكم فعلي من وجه.

وقد وجهناه هناك (٥) بان الانشاء بلا داع محال ، والانشاء بداع اخر - غير جعل الداعي - ليس من مقولة الحكم ولا يترقب منه الفعلية البعثية والزجرية ، بل فعلية ذلك الانشاء فعلية ما يدعو اليه من ارشاد أو امتحان أو جعل القانون.

فلا محالة لا بد من ان يكون الانشاء المترقب منه البعث والزجر هو الانشاء بداعي جعل الداعي ، وهو الفعلي من قبل المولى.

والمراد من الفعلي من وجه في قبال ما اذا وصل ، فانه فعلي بقول مطلق ،

__________________

(١) راجع الكفاية ٤٣١ : ٢.

(٢) الكفاية ١٣٧ : ١.

(٣) ص ٣٦ ذيل قول الشيخ قدس سره : « المقصد الثانى في الظن والكلام... » .

(٤) الكفاية ٥٢ : ١.

(٥) نهاية الدراية ٣ : التعليقة ٦٥ والتعليقة ٣٠.

۴۳۰۱