غاية الأمر إنه ربما يطرح السند ، فيلزمه طرح الظاهر وربما يطرح الظاهر ، فيلزمه طرح السند ، فلا تغفل.
[٥٤] قوله قدس سره : حتى موافقة الخبر للتقية ، فانها أيضا مما يوجب ترجيح أحد
السندين... الخ (١)
تنقيح المرام إن الكلام في مقامين :
أحدهما : رجوع المرجح من حيث جهة الصدور إلى المرجح من حيث نفس الصدور
ثانيهما : تأخر رتبة جهة الصدور عن نفس الصدور ، بحيث لا يكون مرجح الجهة مزاحما لمرجح الصدور.
فنقول : اما المقام الأول ، فظاهر شيخنا الاستاذ (قدس سره) رجوع جميع المرجحات ، حتى مرجح الجهة إلى مرجح الصدور ، نظرا إلى أن أدلة الترجيح والتخيير دليل الحجية الفعلية ، فيكون مفادها إما جعل الحكم فعلا معينا على طبق الراجح من الخبرين ، وإما جعل الحكم مخيرا على طبق الخبرين المتعادلين.
وعليه ، فمعنى الترجيح من حيث الجهة جعل الحكم على طبق ما خالف العامة دون الموافق ، لا جعل الحكم على طبق الموافق ثم حمله على التقية ، فان مرجعه إلى التناقض ، وهو : جعل الحكم على طبقه ، وعدم جعل الحكم على طبقه ، وحيث لا تعبد في مقطوعي الصدور ، فلا يلزم من حمل الموافق على التقية ذلك المحذور.
توضيحه : إن الكلام له جهات ، إحداها : من حيث أنه كلام صادر. وثانيتها : من حيث تضمنه للحكم. وثالثتها : من حيث كونه لبيان الواقع أولا ؟
والقطع بصدور الخبرين راجع إلى الجهة الأولى ، فيبقى مجال لحمله على كونه لا لبيان الواقع ، وما هو قابل للتعبد هي الجهة الثانية ، فانه لا معنى له الا جعل الحكم ، وأما الصدور بما هو فلا معنى للتعبد به.
ومن الواضح : أنه بعد فرض القطع بالصدور يبقى مجال للتعبد بعدم الحكم على طبقه ، وأما مع فرض التعبد بالحكم ، فلا مجال لحمله على أنه ليس لبيان الواقع ، للتناقض.
__________________
(١) الكفاية ٤١٠ : ٢.