(١١٧) قوله قدس سره : وأما حديث الحكومة ، فلا أصل لها أصلا... الخ (١)
سيأتي إن شاء الله تعالى تقريب الحكومة ، وما يتعلق به من النقض والابرام. (٢)
والذي ينبغي أن يقال في هذا المجال : هو أن العلم المجعول غاية للأصول - مطلقا - طريقي ، وله حيثيتان :
احداهما - حيثية كونه وصول الواقع وصولا بالذات ، وبلا عناية ، وهذه الحيثية مناط فعلية الحكم وبلوغه درجة حقيقة الحكمية ، كما مر تحقيقه مرارا.
ثانيتهما - حيثية كونه منجزا بالذات ، وبلا جعل من الشارع ، وهذه الحيثية مناط استحقاق العقوبة على مخالفة الواقع.
وفي قبال العلم باحدى الحيثيتين هو الشك ؛ فانه تارة من حيث عدم وصول الواقع ، وأخرى من حيث عدم المنجز له.
ثم إن الغاية تارة - هو العلم بماله من الحيثية الذاتية باحد الوجهين. وأخرى - يكون العلم عنوانا ومعرفا لحيثية الوصول المعتبر ، أو لحيثية المنجز بما هو منجز - ولو جعلا - لا خصوص المنجز بالذات ، وسيظهر الفرق بينهما إن شاء الله تعالى.
وأما أدلة اعتبار الامارة ، فتارة بعنوان أنها علم وأخرى لا بهذا العنوان.
فنقول : أما إذا أخذ العلم بلحاظ إحدى الحيثيتين الذاتيتين ، وكان اعتبار الامارة بعنوان أنها علم كما استظهرناه (٣) من قوله تعالى : ﴿ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ * ﴾ (٤) حيث أن الظاهر الامر بالسؤال لكي يعلموا بالجواب لا بأمر زائد على الجواب ، ومن قوله عليه السلام في المقبولة ( روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكمامنا ) (٥) حيث أن استفادة الأحكام من أحاديثهم عليهم السلام - مع كونها غالبا ظنية السند والدلالة - قد أطلقت عليها المعرفة ، فحينئذ يكون الخبر بمقتضى أمثال هذه الأدلة - منزلا منزلة العلم في كونه وصولا للواقع ، أو منجزا له ، ولا منافاة بين ثبوت الحكم الظاهري إلى غاية ، وبين الحكم بثبوت الغاية بالخبر ، فيكون تنزيلا حقيقة ، وورودا تنزيلا ، وهي الحكومة الاصطلاحية المقبولة.
__________________
(١) الكفاية ٣٥٠ : ٢.
(٢) ج ٦ : التعادل والترجيح : تقدم في التعليقة : ٣ و٤ و٦.
(٣) تقدم في ج ٣ : التعليقة ١١٤ ذيل قول الماتن « قده » « وقد ورد عليها بانه الخ » .
(٤) النحل : الاية ٤٣ والانبياء : الاية ٧.
(٥) الوسائل : ج ١٨ : الباب ١١ من ابواب صفات القاضي : ص ٩٨ : الحديث ١