الطبيعة بحدها لا تكون مع الجهل بمقدار معتدّ به.

مدفوع بان حرف الابتداء بناء على ان مدخوله ( القضايا ) ليس للبيان قطعا ، والاّ لقال عليه السلام : أشياء من قضايانا ، ليوافق البيان للمبين به ، بل لو كان مدخوله الطبيعة صح التبعيض بمعنى اقتطاع متعلقه عن مدخوله وان لم يصح عنوان التبعيض ، نظرا الى ان الفرد ليس بعض الطبيعة ، بل بناء على كونه للبيان يصح صدق انه يعلم قضائهم عليهم السلام بقول مطلق اذا علم مقدارا معتدا به. فتدبر.

[٧٤] قوله قدس سره : ولا يخفى انه لا يكاد يعقل الاجتهاد في حكم... الخ (١) .

اعلم ان الوجوه المتصورة في المقام - كما يظهر من مجموع الكلام - ثلاثة :

احدها : ان لا يكون قبل الاجتهاد وحصول الظن حكم اصلا ، بل يحدث الحكم حال حصول الظن به. وهذا هو الذي اشتهر عند الاصحاب من انه محال ، لاستلزامه الدور أو الخلف.

واستلزامه للدور تارة بملاحظة توقف الحكم على موضوعه وتوقف الموضوع على حكمه وقد بينا في محله من ان الحكم بالاضافة الى موضوعه من قبيل عوارض الماهية ، لا من قبيل عوارض الوجود فلا تعدد في الوجود بين الموضوع وحكمه ، بل الحكم متقوم بموضوعه في مرتبة ثبوته ، وثبوت الموضوع بثبوت الحكم في هذه المرحلة.

واخرى بملاحظة ان مثل العلم أو الظن بالحكم ليس كالفعل مطلوبا بطلبه حتى يكون مقوما للحكم في مرحلة ثبوته لئلا يكون تعدد في الوجود ، بل مقتضاه جعل الحكم في فرض العلم أو الظن بحقيقة الحكم ، ولازمه ثبوت الحكم قبل ثبوت نفسه وهذا محذور الدور ، وهو تقدم الشيء على نفسه ، وان لم يكن عين الدور المبني على فرض موجودين يتوقف كل منهما على الاخر.

وقد دفعناه في محله بان فرض الثبوت غير الثبوت تحقيقا ، فتوقف ثبوته التحقيقي على فرض ثبوته ليس مقتضاه ثبوت الشيء قبل ثبوت نفسه ، بل

__________________

(١) الكفاية ٤٣٠ : ٢.

۴۳۰۱