ثانيها : ان يكون الحكم مجعولا قبل حصول الظن مثلا ، الا انه على طبق المظنون ، بنحو القضايا الحقيقية ، فلا حكم من الاول في حق من لا ظن له به اصلا.

وهذا هو مورد دعوى الاجماع وتواتر الاخبار على خلافه ، وظاهرهم عدم استلزامه لمحذور عقلي ، مع ان الدور أو الخلف ان كان صحيحا لجرى في هذه الصورة أيضا ، لأنّ مبني توهم الدور والخلف تعلق الظن بوجود الحكم حقيقة ، لا بماهيته وعنوانه ، فيتوقف الظن بوجود الحكم المجعول على وجوده ، ويتوقف وجوده المجعول على موضوعه المتقوم بالظن بوجوده ، فمحذور الدور والخلف ومحذور فرض ثبوت الشيء قبل ثبوته جار هنا ، فلا يمكن عقد قضية حقيقية متكفلة لترتيب الحكم على المظنون.

والفرق بين الصورتين انه في الصورة الاولى لا حكم قبل الظن ، فلو توقف الحكم على الظن به لزم المحذور ، وفي الصورة الثانية لا ظن قبل الحكم فلو توقف الحكم على الظن به لزم المحذور ، الا ان المحذور مندفع في كلا الموردين بما عرفت.

نعم نظير الاشكال الاخير جار هنا ، فان من يلتفت الى ترتب الحكم على طبق ظنه به كيف يظن به ، فان فرض مثل هذا الحكم مع فرض الموضوع متنافيان.

الا ان يقال ان الموضوع هو الظن بالحكم اقتضاء ، فان من يظن بالمقتضى فيظن بمقتضاه في مرتبة ذات المقتضى ، لا بوجوده الخاص في نظام الوجود ، والظن بهذا النحو من الثبوت متمم للعلة التامة لثبوت الحكم حقيقة ، فلا منافاة بين الظن بالحكم والقطع بترتب الحكم على طبق المظنون. لكنه يؤل الى ان المصلحة بوجودها المظنون علة تامة للحكم ، وهو غير معقول ، لاستحالة انبعاث المعلول الاّ عن علة واقعية ، لا تقديرية ، فلابد من فرض مصلحة اخرى في الفعل المظنون كونه ذا مصلحة.

هذا مع لزوم محذور اخر - غير محذور التنافي المذكور - وهو ان الظن بالحكم معناه الظن بثبوت الحكم لذات المتعلق ، فلا يكون مقصورا على طبق المظنون ، واما الظن بثبوت الحكم للمظنون بهذا الظن فغير معقول ، لاستحالة الظن بثبوت الحكم

۴۳۰۱