هذا وجيه بناء على تفسير الحكومة بمعنى الشرح والتفسير ، والحاجة إلى عنوان التعبد بالغاء احتمال الخلاف ، وأما بناء على تفسيرها بمجرد إثبات الموضوع أو نفيه تنزيلا فلا ؛ وذلك لأن تنزيل الظن منزلة العلم - في المنجزية - يجدي في الحكومة ، لا بمعنى أن المراد من العلم المأخوذ في الأدلة مطلق الحجة القاطعة للعذر ، فان إعطاء صفة الحجية للأمارة يوجب ورودها ، لأنها حجة حقيقة ، بل بمعنى أن العلم على حقيقته ، وإنما نزل الظن منزلة العلم بعنوانه في أثره ، فهو علم تنزيلا ، ومنجز حقيقة ، فلا ورود ، بل حكومة صرفة. فتدبر جيّدا.

[٨] قوله قدس سره : إذا كان أحدهما قرينة على التصرف... الخ (١)

لا يخفى عليك أن التعارض إذا كان عبارة عن تنافي مدلولي الدليلين ، فالتنافي بين مدلول العام ومدلول الخاص وأشباههما محقق لا شك فيه ، وكذا إذا كان التعارض من شؤون الدال بما هو دال لفنائه في المدلول.

نعم إذا كان التعارض عبارة عن تنافي الدليلين في الدليلية والحجية - كما هو مبنى المتن وإن كان خلاف ظاهر نسبته إلى مرحلة الدلالة ومقام الاثبات - أمكن القول بأنه لا تعارض بين النص والظاهر ، والأظهر والظاهر.

وبيانه : بأن معنى التنافي في الدليلية والحجية عدم إمكان اجتماعهما في الحجية فعلا ، وتزاحمهما فيها ، وذلك لا يكون إلاّ مع تمامية المقتضي للحجية في مقام الاثبات ، فكل منهما حجة بالذات ، ويتمانعان ، ويتزاحمان في الفعلية ، فاذا كان لأحدهما خصوصية معينة ، كان هو الحجة بالفعل ، وإلاّ سقطا معا عن الحجية الفعلية ، مع بقائهما على الحجية الذاتية.

وهذا إنما يعقل فيما إذا كانت حجية الحجة بعموم ، أو إطلاق لفظي كالخبر الثابت حجيته بالآيات ، أو الروايات. وأما الدلالة ، فلا دليل على حجيتها إلاّ بناء العقلاء عملا ، ولا يعقل بناء ان منهم عموما وخصوصا ، إطلاقا وتقييدا ، ليكون أحد البناءين مخصصا ، أو مقيدا للآخر.

فان العمل ، إما على الظاهر الذي ليس في قباله نص ، أو أظهر ، فلا مقتضى لحجية مثل هذا الظاهر إثباتا. وإما على طبق الظاهر ، حتى إذا كان في قباله أحد الأمرين من النص والأظهر. فالمقتضي موجود ، إلاّ أنه خلف ، لفرض تقديم النص ، أو الأظهر عملا

__________________

(١) الكفاية ٣٨١ : ٢.

۴۳۰۱