إلا أنك قد عرفت مرارا أنه لا أثر من الارادة التشريعية في صفاته الذاتية تعالى شأنه.
وأما في مقام الفعل ، فارادته التشريعية عين جعل الحكم ، وقد مرّ أيضا عدم الارادة التشريعية في المبادي العالية لوجه مشترك بينها وبين المبدأ الأعلى ، فراجع. (١)
مع أن استصحاب الارادة التشريعية لا يجدي شيئا ؛ اذ ليست بنفسها من الاحكام المجعولة ، حتى يكون التعبد ببقائها جعلها ظاهرا ، ولا أثر شرعي لها ، ليكون التعبد بها تعبدا به ، وليس الحكم المجعول مرتبا عليها شرعا ترتب الحكم على موضوعه ، بل ترتب المعلول على علته ، وقد أشرنا إليه مرارا ، فتدبره ، فانه حقيق به.
(٨٥) قوله قدس سره : لا يخفى أنه يمكن إرجاع ما أفاده... الخ (٢)
عبارته (قدس سره) في الرسائل (٣) هكذا : ( وحله أن المستصحب هو الحكم الكلي الثابت للجماعة على وجه لا مدخل لاشخصاهم إلى آخره ) ، وحملها شيخنا الاستاد (قدس سره) على إرادة القضية الحقيقية ، كما في المتن ، وعلى إرادة تعلق الحكم بالكلي بما هو ، كتعلق الملكية بكلي السيد والفقير في الخمس والزكاة ، كما في تعليقته المباركة (٤) على الرسائل.
والفرق بينهما : سراية الحكم من الكلي إلى الأفراد المحققة والمقدرة - بناء على تعلقه بالكلي - في القضية المحصورة (٥) كما هو مسلك المتأخرين - في قبال تعلقه بالأفراد ابتداء ، كما هو مسلك المتقدمين من أهل الميزان - وتعلق الحكم بالكلي بما هو من دون سراية أصلا كما في ملك الفقير والسيد ، لئلا يلزم محذور الاشتراك المانع من إعطاء المال لسيد واحد أو فقير واحد.
ولكن التأمل التام - في عبارته (قدس سره) - يقضي بعدم ارادة الأمرين.
أما الأول ، فلأن مراده (قدس سره) من الجماعة هي الجماعة الموجودون في الشريعة السابقة ، كما يدل عليه ، قوله رحمه الله في مقام تحرير الاشكال المنقول عن بعض معاصريه : من أن الحكم الثابت في حق جماعة لا يمكن إثباته في حق آخرين إلى
__________________
(١) ج ١ : التعليقة ١٥١.
(٢) الكفاية ٣٢٤ : ٢.
(٣) الرسائل : ٣٨١.
(٤) ص ٢٠٩.
(٥) باداة الحصر ، نحو « كل » .