ظاهري.
فاذا فرض هناك جامع بين الحكمين ، وفرض إمكان الجمع بين الحكمين ، كانت الغاية غاية لكلا الحكمين ، فلا إشكال من حيث وحدة الغاية ، بل من حيث عدم الجامع بين الحكمين ، حتى تكون الغاية الجامعة غاية للجامع ، ومن حيث عدم إمكان الجمع بين الحكمين ، حتى تكون الغاية غاية لكل منهما ، كما إذا ذكر كل منهما في الكلام وتعقبهما غاية واحدة.
وأما توهم أن الغاية - في قاعدة الطهارة - قيد للموضوع ، وفي الاستصحاب قيد للمحمول ، ومقتضى قيديتها للمحمول ملاحظة الموضوع مجردا عن القيد ، والجمع بين التجريد والتقييد في لحاظ الموضوع جمع بين المتنافيين.
فمندفع بما مرّ (١) منا : من أن الغاية - بحسب ظاهر الكلام - حدّ للنسبة الحكمية بين الموضوع ومحموله ، سواء كان المحمول هي الطهارة بالفعل ، أو ابقاء الطهارة ، وبحسب اللّب أيضا لا موجب لكونها قيدا للموضوع ، فلا يلزم الجمع بين التجريد والتقييد ، وسيجيء إن شاء الله تعالى (٢) بعض الكلام في الغاية. ومن الله الهداية.
وأما الاحتمال الثالث : وهو الجمع بين الطهارة الواقعية ، والطهارة الاستصحابية ، والطهارة بالقاعدة ، فقد شيد بنيانه ومهد أركانه شيخنا الاستاذ العلامة رفع الله مقامه في تعليقته المباركة على الرسائل (٣) .
ومحصله : إن الرواية بعمومها الافرادي تدل على طهارة كل شيء واقعا ؛ لأن الموضوع هو الشيء الذي يكنى به عن الأعيان الخارجية من دون تقيده بشيء في ظاهر الكلام ، فهو على حد سائر الأحكام المرتبة على الموضوعات الواقعية ، فيكون حجة على طهارة كل شيء بنحو ضرب القاعدة ، وإعطاء الحجة ، حتى يكون مرجعا بعد تخصيصه بالنجاسات الذاتية والعرضية.
وباطلاقها الأحوالي - الشامل لحالة كون الشيء مشكوك الطهارة والنجاسة - تدل على طهارة المشتبة ظاهرا ، وهو مفاد قاعدة الطهارة ، فموضوعها يتم بالاطلاق ، لا من ناحية الغاية ، ليلزم بعض المحاذير المتقدمة وبغايتها - الدالة على الاستمرار من حيث ذاتها ،
__________________
(١) من هذه التعليقة ذيل الايراد على بعض الاجلة (قده) .
(٢) في نفس هذه التعليقة.
(٣) في ذيل حديث « كل شيء طاهر... » : ص ١٨٥.