المشكوك ، لأن المشكوك في الاستصحاب هو البقاء ، ولا يعقل ناقضية بقاء الشيء للشيء.
وليس مفاد الاخبار قاعدة المقتضى والمانع ، حتى يكون النوم المشكوك ناقضا للوضوء المتيقن ، لتكون المقابلة بين المتيقن والمشكوك محفوظة ، بل الشك في النوم منشأ الشك في بقاء الطهارة المتيقنة ، بناء على تنزيل الأخبار على الاستصحاب ، وليس هذا الشك بنفسه ركنا من ركني الاستصحاب ليكون ناقضا.
ومنها أن ظاهر الصحيحة وغيرها - من حيث التعليل بوجود اليقين ، ومن حيث التعبير ب ( لا ينبغي ) - أن وثاقة اليقين هي المقتضية للتمسك به ، في قبال الشك الذي هو عين الوهن والتزلزل.
ومنها - ظهور الاسناد - في الاسناد إلى ما هو له - فانه محفوظ في التصرف الكنائي ، بل لابد من إسناد النقض في المعنى الكنائي اليه ، كما سيظهر - إن شاء الله تعالى - وجهه (١) .
ومنها (٢) - إن التصرف الكنائي ليس فيه إلا مخالفة الظاهر من وجه واحد ، فان الظاهر - من الكلام - مطابقة الارادة الاستعمالية للارادة الجدية. والكناية تقتضي مخالفة الارادة الاستعمالية للارادة الجدية.
بخلاف التصرف بسائر الوجوه ، فانه مضافا إلى مخالفة الظاهر فيها - بالتجوز في الكلمة ، أو بالاضمار أو في الاسناد - لا بد فيها من مخالفة أخرى للظاهر ، فان الظاهر من نقض المتيقن نقضه حقيقة ، فصرفه إلى نقضه عملا تصرف آخر ، ولا حاجة إلى هذا التصرف الآخر في التصرف الكنائي ؛ لأن المفروض أن النهي عن نقض اليقين غير مراد جدّا ، بل استعمالا فقط ، فليس فيه إرادة جدية ، حتى يقال : إرادة المعنى الحقيقي محال ، بل لمجرد التوطئة ، للانتقال من المعنى الحقيقى - المراد بالارادة الاستعمالية - الى مراد جديّ ليس فيه عنوان النقض.
والانتقال من المحال إلى الممكن ، بل إلى الواجب غير محال ، كما في قوله تعالى :
﴿ اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ ﴾ (٣) - فان استواءه على العرش محال ، واستيلاؤه واجب لاحاطته الوجودية بكل موجود - بناء على كونه كناية عن الاستيلاء.
__________________
(١) اواخر التعليقة : ٢٤.
(٢) في النسخة زيادة « وهنا » .
(٣) طه : الآية ٥.