إلا أن حمل الجملة على ذلك إنما هو بعد عدم إمكان إرادة الجزاء ، مضافا إلى لزوم حمله على التأكيد ؛ لأن الجزاء - وهو عدم وجوب الوضوء مع عدم اليقين بالنوم - قد استفيد سابقا من قوله عليه السلام : ( لا ، حتى يستيقن انه نام ) .

وسيجيء (١) إن شاء الله تعالى : أن سنخ هذا التركيب - بملاحظة تلك الأمثلة المتقدمة - لا ظهور له في العلية لكثرة سوق مثله في إفادة الجزاء.

وأما الثاني فقد حكم (٢) الشيخ الأعظم (قده) بأنه تكلف ، وجعله (٣) شيخنا الاستاد (قده) بعيدا إلى الغاية. مع أنه كسائر الموارد لا تكلف فيه. وليس بعيدا إلى الغاية.

وقد ذكرنا (٤) في محله أن إفادة البعث بالجملة الخبرية الحاكية عن وقوع المبعوث إليه بعنوان الكناية : إمّا اظهارا للمقتضي باظهار مقتضاه نظرا إلى أن البعث علة لوجود المبعوث إليه خارجا ؛ لأنه بمعنى جعل الداعي ، الذي به تنقدح الارادة في نفس المبعوث لتحرك عضلاته نحو المبعوث إليه ، فالفعل المبعوث إليه موجود مباشري من المبعوث ، وموجود تسبيبي من الباعث.

واما بلحاظ أن المولى - لشدة طلبه للفعل - جعل وقوعه من العبد مفروغا عنه ، فأظهر شدة طلبه باظهار وجود مطلوبه في الخارج. وبينهما فرق تعرضنا له في موضعه.

ومن الواضح أن الأخبار عن الكون على يقينه بالوضوء - في مقام البعث إلى كونه باقيا على يقينه وثابتا عليه - حقيقة إبقاء اليقين ، وعدم رفع اليد عنه ، وهو معنى معقول كسائر موارد الجملة الخبرية ، المراد منها البعث إلى ما أخبر عن وقوعه.

نعم لا يتعين الحمل إلا إذا لم يمكن التحفظ على ظهوره في الحكاية الجدية ، وإلا فالحكاية الكنائية محفوظة.

مضافا إلى أن قوله عليه السلام : ( ولا ينقض اليقين بالشك ) يكون حينئذ تأكيدا للأمر بالكون على يقينه ، نظير كون عدم وجوب الوضوء في الاحتمال الأول تأكيدا لما يستفاد من قوله عليه السلام : ( لا ، حتى يستيقن انه نام ) . فتدبر.

وأما الثالث : فهو على قسمين :

أحدهما - أن يكون قوله عليه السلام : ( فانه على يقين من وضوئه ) من متممات

__________________

(١) في نفس هذه التعليقة في الرد على الاحتمال الرابع.

(٢) الرسائل : ٣٢٩.

(٣) الكفاية ٢٨٤ : ٢.

(٤) ج ١ : التعليقة : ١٦١.

۴۳۰۱