اقول : فرض غلبة مصلحة الحكم الظاهري على مصلحة الحكم الواقعي كما عرفت سابقا - منحصر في تزاحمهما من حيث التأثير ، أو تضادهما من حيث الوجود ، وقد عرفت انه لو صح احد الامرين - من المزاحمة في التأثير والتضاد في الوجود - للزم التصويب ، غاية الامر انه على الاول للحكم ثبوت اقتضائي بثبوت مقتضيه ، دون الثاني فانه ليس له ثبوت اصلا ، لعدم ثبوت ملاكه في فرض وجود ضده.
الا ان الذي يسهل الخطب عدم معقولية الفرض من التزاحم والتضاد.
واما فرض الغلبة بفرض مصلحة في الجمعة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الظهر - كما في طي كلامه قدس سره في قوله : ان قلت ما الفرق بين هذا الوجه الى اخره - أو فرض الغلبة بفرض تدارك مفسدة مخالفة الحكم الواقعي بمصلحة الحكم الظاهري - كما في اواخر كلامه قدس سره - فكلاهما غير خال عن المناقشة.
اما الاول فبان المصلحة في فعل الجمعة مع المصلحة في فعل الظهر انما تتدارك احداهما بالاخرى اذا كانتا متسانختين ، فلا تزاحم ولا تضاد كي ينتفي المتدارك وجودا أو اثرا ، حتى يكون الحكم بلا صفة.
والمتدارك بهذا المعنى بعد موافقة الحكم الظاهري ، لا في مقام الجعل ، فلا مانع من بقاء الحكم الواقعي الى حصول ملاكه أو ما يسانخه. وليس هذا من التصويب اصلا.
واما الثاني فله فرض صحيح تعرضنا له بعد ذكر الوجوه الخمسة (١) وهو فرض المفسدة في نفس فعل الجمعة بما هي واقعا ، وفرض المصلحة في فعلها من حيث قيام الامارة على وجوبها.
لا بالوجه الذي افاده قدس سره من تدارك مفسدة المخالفة بمصلحة العمل على طبق الأمارة ، فان مفسدة المخالفة ليست من المفاسد التي هي ملاكات الاحكام بل مفسدة نفس فعل الجمعة ملاك تحريمها لا مفسدة معصية حكمها كما
__________________
(١) عدّ الوجوه خمسة ، باعتبار ذكر صورة « اجتماع المصلحة والمفسدة في فعل واحد » بعد الوجه الرابع من الوجوه الاربعة.