للواقع.
وثانيهما - قاعدة العمل بأقوى الدليلين ، ومقتضى الجمود على ظاهرها ، وإن كان أقوائية أحد الدليلين دليل بما هو وكاشف ، وكثير من المرجحات حتى المنصوصة منها لا توجب قوة الكشف والدلالة.
الا أن التأمل الصادق يشهد بأعم من ذلك ، للزوم الاقتصار في مورد القاعدة حينئذ على النص والظاهر ، والاظهر والظاهر ، فانهما مورد قوة الكشف والدلالة ، بل المراد أقوائية أحد الخبرين بأيّ وجه كان ، سواء كان من حيث ملاك حجيته ودليليته ، كالاعدلية والأورعية والاصدقية ، أو من حيث دلالته وكاشفيته ، كالاظهر مثلا ، وكالمنقول باللفظ في قبال المنقول بالمعنى ، أو من حيث مضمونه كالموافقة للكتاب ، والمخالفة للعامة ، والمطابقة للشهرة الفتوائية ، فانه إذا لوحظ فناء الدال في مدلوله ، كان الخبر موصوفا بالأقربية إلى الواقع ، لكون مضمونه أقرب إلى الواقع.
بل يمكن أن يقال : إن الشهرة الفتوائية إذا كانت مستندة إلى أحد الخبرين - مع ظفر المشهور بمعارضه - من دون وجه للجمع الدلالي ، تكون كاشفة عن وجود أحد المرجحات المنصوصة فيه ، إذا كان بناؤهم على عدم التعدي ، أو عن أقربية مضمونه - عندهم - إلى الواقع ، إذا كان بناؤهم على التعدي.
إلا أنه ، إنما يجدي إذا كان كاشفا قطعيا عن ذلك ، وإلاّ فمجرد الظن بالمرجح - بالمعنى الاخص أو الاعم - يحتاج إلى دليل على لزوم اتباعه في المرجحية.
[٥٨] قوله قدس سره : والصدق واقعا لا يكاد يعتبر... الخ (١)
حتى يكون لازم الظن - بصدق الموافق ، والظن بكذب المخالف - الظن بحجية الأول ، والظن بعدم حجية الآخر ، إلا أنه تقدم منه (رحمه الله) في ذيل الأخبار العلاجية ما ينافي هذا الكلام (٢) ، وإن كان الحق ما أفاده (قدس سره) هنا ، كما نبهنا عليه هناك.
[٥٩] قوله قدس سره : ضرورة إن استعماله في ترجيح... الخ (٣)
يمكن أن يقال : إن معنى ( إن دين الله لا يصاب بالعقول ) (٤) هو أن مثل القياس لا يكون طريقا شرعا ، وواسطة في إثبات حكم من الأحكام - فرعيا كان أو أصوليا -
__________________
(١) الكفاية ٤١٧ : ٢.
(٢) راجع الكفاية ٣٩٣ : ٢ - ٣٩٥ ، والتعليقه ٢١ من هذا الكتاب.
(٣) الكفاية ٤١٨ : ٢.
(٤) بحار الأنوار ٢ : الباب ٣٤ من كتاب العلم : ٣٠٣ : حديث ٤١.