لعموم المكلفين - من المشافهين وغيرهم - فان ظاهرها فعلية التكليف العمومي ، سواء كان بحسب الواقع واقعيا ، أولا.
وأجاب (قدس سره) عن هذا المحذور المبني على الوجه المذكور : بأن مقتضى الأصل - المؤسس في باب المحاورات - الحكم بارادة ظاهرها واقعا ، إلا إذا علمنا - ولو بالخاص المتاخر - عدم إرادته واقعا مع إرادته فعلا.
وأنت خبير بأن مقتضى الأصل ليس إلا الحكم بأن الظاهر مراد جدّا حقيقة ، سواء كان منبعثا عن المصلحة الأولية أو الثانوية ، ولا يختص بالأولى حتى تكون إرادة العموم فعلا على خلاف الأصل ، حتى يفترق صورة الاطلاع على الخاص وعدمه.
فلابد في دفع المحذور عن أصالة عدم المخصص ، الراجعة إلى أصالة الظهور ، بأن يقال : إن الخطاب وإن كان مخصوصا بالمشافه ، إلا أن ظاهره أنه تكليف المخاطب بذاته ، لا بعنوان آخر ، فيكون ظاهرا في التكليف الواقعي ، المنبعث عن المصالح الواقعية الذاتية ، دون العرضية ، فيشترك غير المشافه ، مع المشافه - في هذا التكليف - بأدلة الاشتراك. والوقوف على الخاص المتأخر يكشف عن أن التكليف لم يكن مرتبا على المكلف بذاته ، بل بعنوان آخر بحسب مقام الفعلية ، لا بحسب مرتبة الواقع. فافهم وتدبر.
[٥٠] قوله قدس سره : فعلى الوجه العقلي في تقديم التقييد... الخ (١)
لا يخفى عليك أن لكل من العام والخاص حيثيتين : حيثية الظهور الوضعي في الشمول ، وفي القصر على ما عدا الخاص ، وحيثية الظهور الاطلاقي في الدوام والاستمرار.
والتخصيص بلحاظ الحيثية الأولى ، والنسخ بلحاظ الحيثية الثانية ، فالخاص بظهوره الوضعي ليس ناسخا للعام المتقدم ، وكذا العام ليس بظهوره الوضعي ناسخا للخاص المتقدم حتى يجري الوجه العقلي المتقدم.
وحيث أن ظهور الخاص والعام في الاستمرار والدوام بالاطلاق بلا كلام ، ولم يصلح أحد المطلقين لتقييد الاخر - لتساوي النسبة من حيث توقف انعقاد الظهور ، وعدم الظهور هذه الوضعي من الجهة - حتى يتعين للمانعية ، فكل منهما مقتض بلا مانع ، فينعقد لكل منهما ظهور. ولو فرض أقوائية أحدهما ، لكان من باب تقديم إحدى الحجتين على الأخرى ، لا من باب تنجيزية الظهور في إحداهما وتعليقيته في الآخر.
__________________
(١) الكفاية ٤٠٥ : ٢.