الأول - كشف الخاص عن اقتران العام بما يوجب قصره على بعض أفراده ، أو ورود ما يوجب قصره عليه قبل حضور وقت العمل ، فهو صالح للناسخية بنفسه ، وصالح للكاشفية عن ورود المخصص قبل وقت العمل.
الثاني - أن يكون الخاص مخصصا للعام واقعا وموجبا لقصره على ما عدا الخاص واقعا - لا فعلا - ويكون وروده بعد وقت العمل ، لأجل عدم المصلحة في صيرورة التكليف الواقعي فعليا إلا في زمان ورود الخاص ، فان قبح تأخير البيان إنما يتوجه ، إذا كان الغرض فعلا متعلقا بما عدا الخاص ، لا الغرض الواقعي المزاحم بمصلحة أخرى في عدم بيان المخصص.
والالتزام بالأول بعيد ، لكثرة المخصصات والمقيدات الواردة في الأزمنة المتاخرة ، وبعد خفائها جميعا ، مع ثبوتها ووصولها إلى المكلفين في الأزمنة السابقة ؛ بداهة ان وجودها الواقعي قبل حضور الوقت غير صالح للمخصصية ، ووصولها - جميعا - وخفاؤها في غاية البعد ، فينحصر الأمر في الثاني ، وهو تخصيص باعتبار خروج بعض الأفراد واقعا ، ونسخ باعتبار انتهاء أمد الحكم العمومي الفعلي بورود الخاص بعد وقت العمل.
ففي الحقيقة يدور الأمر بين كون الخاص موجبا لانتهاء أمد الحكم الواقعي الفعلي ، أو موجبا لانتهاء أمد الحكم الفعلي ، ولو لم يكن واقعيا - أي غير منبعث عن المصالح الأولية - وإلا ، فليس من حقيقة الحكم الظاهري المصطلح ، وحينئذ لا يبقى مجال لاستبعاد النسخ ، الذي حقيقته انتهاء أمد الحكم الفعلي ، من غير مدخلية لانبعاثه عن المصالح الأولية أو الثانوية.
نعم : يشكل الوجه الثاني بما عن الشيخ الأعظم (قدس سره) في خصوص الخطابات المختصة بالمشافهين (١) ، حيث أن العلم بعدم المخصص لا يلازم العلم بارادة العموم واقعا ، حتى يترتب على أصالة عدم المخصص إرادة العموم واقعا تعبدا ؛ إذ لا يزيد الأصل على العلم.
وقد عرفت أن عدم صدور المخصص يجامع عدم إرادة العموم واقعا ، وأما إرادة العموم بحسب التكليف الفعلي للمشافهين ، فلا يجدي في حق غيرهم بأدلة الاشتراك ، إذ لا اشتراك إلا في الحكم الواقعي ، لا في الحكم الفعلي الذي يختلف باختلاف حالات المكلفين - سواء سمي تكليفا ظاهريا أم لا. بخلاف ما إذا كانت الخطابات شاملة
__________________
(١) راجع الرسائل : ٤٥٧ : في دوران الامر بين النسخ والتخصيص.