ومن الواضح : إن ضعف ملاك الحجية إنما يقتضي عدم الحجية الفعلية بالاضافة إلى مورد المعارضة الذي قام عليه ما هو أقوى ملاكا منه شرعا.

نعم إذا علم من الخارج بعدم صدور أحد العامين رأسا ، فحينئذ يقتضي التعبد بالأرجح سقوط الآخر ، حتى في مورد الافتراق ، بخلاف ما إذا علم بعدم إرادة العموم من أحد العامين ، فانه كما قلنا : لا يسقط العام المرجوح إلا في مورد التعارض ، وهو مورد الاجتماع.

كما أنه فرق بين قسمي العامين من وجه ، وهو إن ما علم من الخارج بكذب أحدهما لا يرجع إلى المرجوح منهما أصلا ، ولو سقط الراجح عن الفعلية - لغفلة أو لمزاحمة بالاهم - بخلاف ما إذا لم يعلم بكذب أحدهما ، فانه لا مانع من فعلية المرجوح إذا سقط الراجح عن الفعلية ، لفرض وجود المقتضي للحكم فيه ، مع عدم المزاحم عن الفعلية.

وذلك لما ذكرنا في محله : إن التزاحم في الملاك في مقام جعل الأحكام ليس مقتضاه زوال الملاك بذاته عن أحد الطرفين ، بل عدم تأثيره في الجعل لمزاحمته بالأقوى ، وحيث أن جعل الحكم لاستيفاء المصلحة ، فالأقوى أولى بالاستيفاء ، ومقتضاه الأولوية بالاستيفاء إذا أمكن استيفائه تشريعا ، وإلاّ كان إهمالا للمصلحة القابلة للاستيفاء ، من دون موجب.

وحيث أن الانشاء بداعي البعث لا يترقب منه إلا الباعثية لوصوله ، فمع عدم إمكان وصوله - لغفلة أو لنسيان - لا يعقل جعل الداعي ، حتى في هذه الحال ، فلا محالة يكون الجعل مقصورا على صورة الالتفات ، وعدم النسيان.

وبقية الكلام في محله. فتدبر جيدا.

[٤٥] قوله قدس سره : او للتحيّر في الحكم واقعا... الخ (١)

إلا أن مثل هذا التحير لا يرتفع بالاخبار العلاجية ، حتى يقوم السائل مقام الاستعلاج ، فان الأخبار العلاجية لا تقتضي إلا التعبد بأنه مراد واقعا ، لا الكشف عن كونه مرادا واقعا حقيقة. فتدبر.

[٤٦] قوله قدس سره : فيما يكون صدورهما قرينة عليه ، فتامل... الخ (٢) .

لعله إشارة إلى دعوى لزوم إمضاء الطريقة العقلائية ، وعدم كفاية مجرد عدم ثبوت

__________________

(١) الكفاية ٤٠٢ : ٢.

(٢) الكفاية ٤٠٣ : ٢.

۴۳۰۱