عليه السّلام بايهما اخذت من باب التسليم وسعك (١) وهو الحاكم - في لسان (٢) شيخنا العلامة الأنصاري (قده) - على استصحاب الحكم المختار.

لكنك بعد ما عرفت من أن مفاد أدلة الحجية تعيينا ، أو تخييرا جعل الحكم المماثل لبّا ، فليس - هناك - إلا حكم مجعول واحد - إما تعيينا أو تخييرا - فلا اثنينية حتى يتصور حاكم ومحكوم ، فالحكم المجعول هنا اوّلا ليس الا وجوب القصر والاتمام تخييرا بلسان ( إذن فتخير ) واستصحابه لا ينافي بقاء التخيير ، ليحتاج دفعه إلى استصحاب حاكم عليه ، فان المختار هو وجوب القصر ، الذي له عدل ، وهو وجوب الاتمام ، فكيف يقتضي استصحابه التعين ، كما أن ثبوته سابقا لم يكن موجبا لتعينه ، بل كان متقوما بعدله.

فان قلت : الثابت بأدلة التخيير وجوب الالتزام بأحد الخبرين ، ووجوب الالتزام بهذا أو ذاك أمر ، ووجوب القصر أو الاتمام أمر آخر ، والأول حكم أصولي تخييري ، والثاني حكم فرعي عملي تعييني ، كما هو مفاد الدليلين المتعارضين ، فيتصور الحاكم والمحكوم.

قلت : ليس الواجب بأدلة حجية الخبر كلية أو في مرحلة التعارض إلاّ العمل بمفاد الخبر ، لا حكم جناني يعبر عنه بالالتزام ، مع أن الالتزام الجدي بالحكم موقوف على حكم حقيقي ، ولا يعقل هنا حكمان فعليان تعيينا ، حتى يجب الالتزام بأحدهما تخييرا ، فلابد من القول بجعل حكمين مماثلين تخييرا ، ليمكن الالتزام الجدي بهما تخييرا.

ومن البين أن استصحاب مثل هذا - الحكم المختار - لا يوجب تعينه ليتوقف دفعه على استصحاب وجوب الالتزام تخييرا.

لا يقال : وإن كان الاستصحابان متوافقين في نتيجة الأمر إلاّ أنه لا مجال للمحكوم ، وإن كان موافقا للحاكم.

لانا نقول : على فرض وجوب الالتزام لا مجال للحكومة الاصطلاحية لعدم ترتب الحكم المختار على وجوب الالتزام شرعا ، حتى لا يكون مجال لاستصحاب المترتب مع استصحاب المترتب عليه ، بل الأمر بالعكس ؛ اذ نسبة وجوب الالتزام - إلى الحكم الملتزم به - نسبة الحكم إلى موضوعه ، ومع إمكان استصحاب الموضوع لا مجال

__________________

(١) الكافي ٧ : ١ والوسائل ٧٧ : ١٨ : حديث ٦.

(٢) أي في اصطلاح الشيخ.

۴۳۰۱