إلى الثقة (١) ، فظاهرها كفاية وثاقة الراوي - في قبول خبره - من دون إناطته بالوثوق الفعلي بخبره ، فلا يضر عدم الوثوق الفعلي أو الظن بعدمه.
وبناء على كون المدرك بناء العقلاء ، فالظاهر أن بناءهم على العمل بخبر الثقة - كالبناء على العمل بالظهور - ليس إلا من حيث كونه في نفسه ، ولو خلّي وطبعه مفيدا للظن بالصدور ، أو بكونه مرادا ، لا أنه منوط عندهم بالظن الفعلي ، أو بعدم الظن الفعلي بالخلاف.
وأما حجية الظهور ، فالأمر فيها أوضح ، وقد فرغنا عن عدم إناطتها بشيء من الأمرين - في البحث عن حجية الظواهر - فراجع (٢) ، فلا مانع من جريان أصالة الصدور والظهور.
وعليه ، فالمحتمل في الخبر الموافق لهم :
إن كان اتقاء الامام عليه السّلام منهم ، فمرجع الأمر إلى عدم إرادة الظاهر ، والظاهر حجة على الارادة الجدية إلى أن يتبين خلافه.
وإن كان القاء الحكم المنبعث عن مصلحة محدودة إلى زمان ارتفاع التقية عن المخاطب ، فالاطلاق حجة إلى أن يتبين خلافه ، فان الكلام ظاهر لمكان إطلاقه في انبعاثه عن مصلحة مرسلة غير محدودة بحد زماني.
وهذه الأصول كلها لا مانع لها بمجرد قيام الخبر المعارض لها.
وأما الكلام في اقتضاء الشهرة ، وموافقة الكتاب ، ومخالفة القوم ما ذكر ، مما يوجب خروجها عن مسألة ترجيح إحدى الحجتين على الأخرى.
فنقول : أما الشهرة فكونها موجبة للقطع بصدور المشهور - لو سلم - فانما هو في الشهرة رواية وفتوى وعملا ، لا الأولى فقط.
وأما الوثوق الفعلي بصدوره ، فلا يمنع عن الوثوق الفعلي بصدور ما يقابله ، بل لا يمنع القطع بصدوره عن القطع بصدور ما يقابله ، ولذا فرض الشهرة في الخبرين ، مع أن فرض القطع بالصدور ، أو الوثوق به في الطرفين يمنع عن إعمال مميزات الصدور - عن عدمه - بموافقة الكتاب ، ومخالفته ، ومخالفة القوم ، وموافقتهم ، كما في المقبولة ، أو بالترجيح بالصفات أيضا ، كما في المرفوعة.
__________________
(١) راجع الوسائل ١٨ : باب ١١ من أبواب صفات القاضي : حديث ٤ و٣٣ و٤٠.
(٢) نهاية الدراية ٣ : التعليقة ٧٤.