وبالجملة ليس لسان الخبر نفي العذر في الشك ، فضلا عن نفي الشك مريدا به نفي كونه عذرا ، ليكون من باب نفي الحكم بنفي موضوعه ، بل المراد النهي عن إظهار الشك بعمله ، أو مجرد عدم المعذورية ، لمكان منجزية الأمارة.

وأوضح منه - فسادا - توهم دلالة قوله عليه السلام ( نعم ) بعد سؤال الراوي ( فلان ثقة آخذ منه معالم ديني ) (١) نظرا إلى أنه بمعنى : خذ ، فيكون دالا على أن تناول الواقع من الراوي ، ووصوله منه عبارة أخرى عن إلغاء الشك ، وعدم الاعتداد باحتمال خلافه.

وجه وضوح الفساد : إن الأخذ لازمه العمل ، حيث لا عمل بلا أخذ ، فالأمر بالأخذ كناية عن الأمر بالعمل ، فليس الأخذ منه منزلا منزلة الأخذ من الإمام - عليه السّلام - حتى يكون وصوله منه منزلا منزلة وصوله منه - عليه السّلام -.

مع أن غايته تنزيل المأخوذ من الراوي منزلة معالم الدين ، لا منزلة معالم الدين الواصلة ، حتى يكون الوصول الذي هو لازم الأخذ بمنزلة وصول الواقع ، فليس مفاده ، إلاّ جعل الحكم المماثل للحكم الواقعي.

وقد نبهنا عليه في بعض مباحث القطع والظن فراجع. (٢)

نعم - قد ذكرنا في محله (٣) : إن مثل قوله تعالى ﴿ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ * (٤) إن كان من أدلة حجية الخبر ، أمكن استفادة تنزيل الخبر منزلة العلم ؛ إذ الظاهر منه الأمر بالسؤال ، لكي يعلموا بالجواب ، لا بأمر زائد على الجواب ؛ فالجواب منزل منزلة العلم ، إما لأن المراد بالعلم حقيقة ما يعم خبر الثقة ، ويكون الخبر واردا ، أو لأنه منزل منزلة العلم في تنجيزه للواقع ، وفي كونه غاية رافعة لحكم الأصل ، فيكون من إثبات الموضوع تنزيلا ، فيكون حاكما. وهكذا قوله عليه السّلام في المقبولة ( وعرف أحكامنا ) (٥) مع أن أدلة الأحكام غالبا ظنية الدلالة ، أو السند ، أو هما معا ، وقد أطلق عليها المعرفة بأحد الوجهين المذكورين آنفا ، إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع ، فراجع.

[٧] قوله قدس سره : مع احتمال أن يقال : إنه ليس... الخ (٦)

__________________

(١) الوسائل : ج ١٨ : الباب ١١ من أبواب صفات القاضي : ص ١٠٧ : ح ٣٣.

(٢) نهاية الدراية : ج ٣ : التعليقة ٢٢.

(٣) نهاية الدراية : ج ٣ : التعليقة ١١٤.

(٤) النحل ١٦ : الآية ٤٣ والانبياء ٢١ : الآية ٧.

(٥) الوسائل : ج ١٨ : الباب ١١ من أبواب صفات القاضي : ص ٩٨ : ح ١.

(٦) الكفاية ٣٧٩ : ٢.

۴۳۰۱