مصلحة الحكم ، وعدم كونه ذا مفسدة مانعة عن تعلق الحكم بالموضوع.

لا يقال هذا في البعث والزجر ، وأما الارادة والكراهة ، فلا يعقل دخل القيد فيهما ، لأنهما ليستا من الأفعال ذوات المصالح والمفاسد ، فلا محالة كل قيد يفرض هناك ، فله دخل في مصلحة المراد وعدم كونه ذا مفسدة.

لأنا نقول : أولا إن الحكم القابل للاستصحاب هو البعث والزجر ، فانهما من الأحكام المجعولة دون الارادة والكراهة ، فانهما من الصفات النفسانية ولا معنى لجعل الحكم المماثل على طبقهما.

وثانيا - إن ذات المراد - لكونها ذات مصلحة من حيث اقتضائها لها - معروضة للارادة ، وأما القيد الذي له دخل في فعلية ترتب المصلحة على ذات المراد ، فلا يعقل أن يكون مقوما للمراد ، حيث أنه على الفرض ليس مما يتقوم به اقتضائه للمصلحة ، فموضوع المصلحة ومعروض الارادة ذات المراد.

والكلام في ابقاء الارادة في موضوعها ومعروضها ، وأما الموضوع الفعلي للارادة ، أو للحكم المجعول ، أو للمصلحة ، فهو وإن كان هو الأمر المتقيد إلا أن اللازم في ابقاء الحكم ونحوه هو ابقائه لذات معروضة لا ابقائه للمعروض الفعلي المساوق لعروض العارض.

فتدبر.

ومنه يظهر أن عدم تقوم الموضوع بالقيد غير مبني على رجوع القيد إلى مفاد الهيئة ودخله في مصلحة البعث ، بل لو كان دخيلا في مصلحة المبعوث إليه أيضا كان معروض البعث عين معروض الارادة ، واللازم بقاؤه هو معروض البعث. فتدبر جيدا.

الثالث - إنه قد مرّ مرارا إن جميع الحيثيات التعليلية حيثيات تقييدية لموضوع حكم العقل بحسن شيء أو قبحه ، ولذا قيل : الاغراض عناوين لموضوعاتها في الأحكام العقلية ، وقد حقق - أيضا - إن الشارع لا يأمر إلا بما هو حسن عقلا ، وأنه لا ينهى إلا عما هو قبيح عقلا ، لقاعدة التطابق بين حكمي العقل والشرع. فما هو الموضوع لحكم العقل هو الموضوع لحكم الشارع واقعا ولبّا ، وإن أخذ ما يلازمه أو ما هو أخص أو أعم منه موضوعا لفظا ، ولا عبرة بالنقل الذي على خلافه العقل.

والجواب : إن الحكم الشرعي - تارة - بعين ملاك الحكم العقلي ، فحينئذ يكون الملاك عنوانا لموضوعه. و- أخرى - يكون بملاك في نظر الشارع ، بحيث لو اطلع عليه العقل لرآه سببا لإيجاب شيء ، أو تحريمه شرعا ، وقد مرّ مرارا : إن الملاك المولوي للحكم الشرعي لا يجب أن يكون عين ملاك التحسين والتقبيح العقليين ، فان ملاكهما هي

۴۳۰۱