الوجود الذي ليس هو إلا ثبوت الشيء ، وذلك جميع الاحكام المتعلقة بأفعال المكلفين ، فان الصلاة المعروضة للوجوب ليست بوجودها الخارجي ، ولا بوجودها الذهني معروضة للوجوب ، للبراهين المذكورة في مبحث اجتماع الأمر والنهي وغيره مرارا ، بل بوجودها العنواني المقوم للارادة التشريعية ، أو للبعث الاعتباري ، فلا ثبوت لها في مرحلة موضوعها إلا بثبوت شوقي أو اعتباري ، وحيث لا ثبوت لها في حد ذاتها ، فلا معنى لإحراز بقائها ، بل اللازم مجرد اتحاد المتيقن والمشكوك ، سواء كان المتيقن ثبوت شيء لشيء أو ثبوت شيء.
ومنها - إن المستصحب إذا كان وجود الشيء ، فهو على قسمين :
أحدهما - ما يكون حقيقته غير قابلة للحركة والاشتداد ، فوحدة وجوده - في ظرف اليقين والشك - تستدعي وحدة ما يضاف إليه ، وإلا لم يكن المشكوك عين المتيقن.
ثانيهما - ما يكون حقيقته قابلة للحركة والاشتداد من مرتبة إلى مرتبة ، كالحركة من حد الضعف إلى الشدة ، أو من نوع إلى نوع آخر ، كما في الحركة من الخضرة إلى الصفرة ، ومن الصفرة إلى الحمرة ، أو من المنوية إلى الدموية ، ومنها إلى اللحمية ، وهكذا.
وهذا القسم لا منافاة بين وحدة وجودها - من مبدأ الحركة الى منتهاها - مع تبدل ما يضاف إليه الوجود من مرتبة الى مرتبة ، ومن نوع الى نوع ، فلابد - حينئذ - أن يلاحظ أن الأثر المهم للمستصحب يترتب على وجود ذلك الشيء بمرتبة منه ، أو على نفس وجوده - بأية مرتبة كان - أو على وجود نوع منه ، أو على وجود الجامع بين أنواعه ، فلا يضر القطع بتبدله لو كان باقيا على الثاني ، دون الأول - وإن كان ظاهر تعليقة شيخنا العلامة قدس سره (١) أن القطع بالتبدل غير ضائر مطلقا ، لكنه ينبغي حمله على ما ذكرنا من ترتب الحكم على الجامع بين المراتب أو بين الأنواع.
وأما توهم : أن اختلاف الماهيات المنتزعة كاشف عن تعدد الوجود ، وقياس المورد بوجود زيد وعمر.
فهو غفلة عن قبول بعض الحقائق للحركة والاشتداد ، ومقتضاه انحفاظ الموضوع في الحركة ، والاتصال في الوجود. وعليه فاستصحاب وجود الشيء بمرتبته - مثلا - استصحاب الفرد ، واستصحاب وجود الجامع بين المراتب - للقطع بتبدله لو كان - من استصحاب الكلي ، وقد مرّ وجهه في مبحث استصحاب الكلي فراجع. (٢)
__________________
(١) ص ٢٣٠ : ذيل قول الشيخ قده « الاول بقاء الموضوع » .
(٢) تقدم في التعليقة : ٦٩ « ذيل قول الماتن « قده » « فانه يقال : الامر وان كان كذلك ألا ان الخ » .