- كسائر الأحكام - مشكوك البقاء ، ولا معنى لإبقاء سائر الأحكام بما هو مشكوك البقاء.
والتعبد بالبقاء في شريعة نبينا صلّى الله عليه وآله ، وان كان ثابتا إلا أن استناد الكتابي إليه يلازم الالتزام بهذه الشريعة الناسخة للشريعة السابقة ، فيلزم من ابقاء شريعة موسى عليه السلام بحكم شريعتنا عدم ابقائها وهو محال.
ومنه تبين ما في بعض كلمات شيخنا العلامة (قدس سره) من دوران أحكام شريعة موسى عليه السلام بين كونها أحكاما واقعية ، أو ظاهرية بسبب حجية الاستصحاب في الشريعتين.
لما عرفت : من أن حجية الاستصحاب في الشريعة السابقة - كسائر أحكامها - مشكوكة البقاء ، وحجيته في شريعتنا لا يجدي للكتابي ، حيث يلزم من وجوده العدم ، فيستحيل أن يكون تلك الاحكام ظاهرية ، بناء على بقاء شريعة موسى عليه السّلام ؛ لعدم مجيء شريعة أخرى ، ويستحيل أن يكون أحكاما واقعية ، بناء على عدم بقاء شريعة موسى عليه السلام بمجيء شريعة لاحقة ناسخة.
وإن كانت ناسخية شريعتنا للشرائع السابقة باعتبار المجموع ، لا باعتبار الجميع ، كما هو المعروف ، فحينئذ للاستصحاب في نفسه مجال ؛ لأن الاستصحاب غير منسوخ في هذه الشريعة - على اعتراف المسلمين - فللكتابي الاستناد إلى هذا الحكم الغير المنسوخ قطعا في ابقاء بقية أحكام شريعة موسى عليه السّلام المشكوكة البقاء ، وحينئذ يصح دعوى أن سائر الاحكام إما واقعية أو ظاهرية.
وعليه فلا مناص في دفع الاستصحاب الا بان الاصل لا يجري قبل الفحص.
اما بالنظر الى بقاء شريعة موسى عليه السلام فواضح ، لأن الأصل لا يجري في الشبهات الحكمية قبل الفحص.
وأما بالنظر الى النبوة بمعنى المنصب المجعول : فتارة - لأجل الشك في زوالها بموت النبي. وأخرى - لأجل الشك في مجيء نبي لا حق يشك في نبوته.
فبالنظر إلى الأول لا مانع من الأصل ، ولا يجب الفحص عن موته وحياته إلا أنه ليس محلا للكلام.
وبالنظر إلى الثاني يجب الفحص - وإن كانت الشبهة موضوعية - لأن مثل هذا الموضوع يجب الفحص عنه عقلا بالنظر إلى معجزة من يدعي النبوة كما حقق في محلة.
فاستصحاب النبوة للزوم عقد القلب على نبوته مفيد ، غير مقيد بالفحص ،