على ما مرّ في البحث عن الأصل المثبت (١) فشيء منهما غير منطبق على ما نحن فيه.
أما الأول فواضح ؛ إذ لا علية لعدم الشيء في الزمان الأول لوجوده في الزمان الثاني ، فضلا عن تأخره ، فضلا عن أن يكون بنحو العلية التامة.
وأما الثاني ، فالمتضايفان هما التقدم والتأخر ، فالتعبد بتقدم العدم على الوجود تعبد بتأخر الوجود عن العدم ، وأما العدم فليس مضايفا للوجود ولا لتأخره ، حتى يكون التعبد به تعبدا بمضايفه.
هذا في ترتيب آثار التأخر.
وأما ترتيب آثار الحدوث في الزمان ، فان جعل الحدوث صفة خاصة في الموجود في الزمان الثاني ، فلا يثبت باستصحاب العدم في الزمان الأول ، كما أنه من حيث كونه عنوانا ثبوتيا غير محرز وجدانا.
وفي تعليقته - المباركة (٢) على الرسائل - تصحيحه بما تقدم في ترتيب آثار التاخر من حيث ثبوت الملازمة بين تنزيليهما.
الا أنه من الواضح أن عنوان الحدوث ، وإن كان مقابلا لعنوان القدم ، لكنه ليس بمضايف له ، فالتضايف بلحاظ أن ذلك العنوان الثبوتي عنوان مسبوقية الوجود بالعدم ، والمسبوقية مضايفة للسابقية ، فيكون كالتقدم والتأخر.
فحينئذ يرد عليه ما ذكرناه آنفا من أن المضائف - لعنوان المسبوقية - هي السابقية ، ولا تعبد بها ، ليكون تعبدا بالمسبوقية ، وذات السابق لا يضايف لذات المسبوق ولا للمسبوقية.
وإن جعل الحدوث مركبا من وجود متأخر وعدم سابق ، فيحرز العدم السابق بالأصل ، والوجود اللاحق بالوجدان.
لكنه إنما يجدي للحدوث المقابل للقدم ، وأما الحدوث المقابل للبقاء فلا ، لأن المحرز بالوجدان في الزمان الثاني مجرد وجوده الأعم من الحدوث والبقاء ، والأصل لا يثبت أنه حادث - أي موجود يكون بداية وجوده هذا الزمان - فتدبر.
(٩٨) قوله قدس سره : كان الأثر الشرعي لوجود أحدهما بنحو خاص من التقدم... الخ (٣)
__________________
(١) تقدم في التعليقة : ٨٩.
(٢) ص ٢١٦ ، ذيل قول الشيخ قده في التنبيه السابع « الاّ ان يقال ان الحدوث هو الوجود المسبوق بالعدم »
(٣) الكفاية ٣٣٤ : ٢.