وحينئذ فالجواب ما عرفت من عدم انطباق هذه الكلية ، وهي : إن أثر الأثر أثر ، فان موردها ما إذا كان نفس المؤثر مورد التعبد ، حتى يكون بالاضافة إلى أثر الأثر بمنزلة الموضوع الذي يكون التعبد به تعبدا بأثره. فتدبر جيّدا.
(٨٩) قوله قدس سره : كما لا يبعد ترتيب ما كان... الخ (١)
قد ألحق المصنف (قدس سره) بصورة خفاء الواسطة صورتين أخريين :
إحداهما - ما إذا كان مورد التعبد الاستصحابي هي العلة التامة ، أو الجزء الاخير منها ، فانه كما لا تفكيك بين العلة التامة ومعلولها واقعا ، كذلك لا تفكيك بينهما تنزيلا في نظر العرف ، لشدة الاستلزام في نظرهم ، فيكون التعبد الاستصحابي مستتبعا لتعبد آخر.
ثانيتهما - ما إذا كان مورد التعبد الاستصحابي من الأمور المتضايفة ، فانه ، وان لم يكن علية بين المتضايفين من حيث التضايف ، لكنهما في نظر العرف كواحد ذي وجهين ؛ فأثر أحد الوجهين في نظرهم أثر الوجه الآخر ، من حيث أن مورد الأثر - عندهم - ذلك الواحد الذي له وجهان رتب على أحد وجهيه أثر شرعي ، فما هو موضوع الأثر عرفا أوسع مما هو موضوعه دليلا ، فالتعبد بأحد الوجهين تعبد بالآخر للاتحاد ، لا مستلزم لتعبد آخر للاستلزام ، كما في الصورة الأولى.
والتحقيق : عدم خلوص كلتا الصورتين عن شوب الاشكال.
أما الأولى ، فلان مورد الكلام ليس ترتيب المعلول على علته التامة ، فان ترتبه عليها عقلي ، ولو فرض كون ترتبه عليها شرعيا ، فلا حاجة الى فرض العلية التامة ، بل يصح التعبد بالمشروط بالتعبد بشرطة فيكون من قبيل ترتب الحكم على موضوعه.
بل مورد الكلام ما إذا كان لكل من العلة التامة ومعلولها أثر شرعي ، حتى يكون التعبد بالأولى مستلزما للتعبد بالثاني ، وحينئذ كيف يعقل أن يكون العلة التامة مورد اليقين والشك ولا يكون معلولها كذلك ؟ ولا يعقل أن يكون الشيء علة تامة لشيء بقاء لا حدوثا ، فانه لا محالة لمرور الزمان أو لما يقارنه دخل في تمامية العلة ، فلا يقين في الزمان الأول بوجود العلة التامة ، وإذا فرض أن اليقين بالعلة التامة لا ينفك عن اليقين بمعلولها فالمعلول هو بنفسه مورد التعبد الاستصحابي ، لا أنه لازم التعبد الاستصحابي.
وأما الثانية ، فلان المتضايفين متكافئان - قوة وفعلا خارجا وعلما - فمع اليقين
__________________
(١) الكفاية ٣٢٧ : ٢.