التعبد بملزومه مجازا ، إلا أنه ليس كل عدم التعبد بشيء مصداقا لنقض اليقين حقيقة أو مجازا ، حيث أنه ليس هذا العنوان للاّزم المحسوب من الملزوم حقيقة حتى يكون بسبب التبعية له مسندا إلى الملزوم مجازا. فتدبره فانه حقيق به.
ثانيهما - دعوى إن أثر الأثر أثر ، فالتعبد بشيء تعبد بجميع آثاره المترتبة طبعا أو وجودا.
وفيه : إنه مسلم إذا كان كل أثر موضوعا شرعا لأثر ، حتى يكون التعبد بالأثر السابق بمنزلة التعبد بموضوع ذي أثر ، مثلا إذا رتب على الحياة وجوب الانفاق ، وعلى وجوب الانفاق وجوب شيء آخر ، فالتعبد بالحياة تعبد بوجوب الانفاق ، والتعبد بوجوب الانفاق تعبد بوجوب ذلك الشيء الآخر ، فهناك تعبدان طوليان.
وأما لو كان للحياة أثر شرعي ، وهو وجوب الانفاق ، وأثر عادي وهو نبات اللحية ، فهما أثر ان في عرض واحد ، أحدهما شرعي ، والآخر عادي ، فالتعبد بالحياة تعبد بأثرها الشرعي ، لا بأثرها العادي ، حتى يكون التعبد بأثره العادي تعبدا بأثر ذلك الأثر العادي شرعا ، فما هو أثر الأثر شرعا ليس موضوعه بنفسه مورد التعبد ، ولا بلحاظ كونه أثر الحياة ، وما لم يتعبد بموضوع الأثر - إما بنفسه أو بالواسطة - لا يعقل التعبد بأثر ذلك الأثر العادي.
ثم : إنه تبين مما ذكرنا في تقريب الطريقين وجوابه أن وجه الشمول والجواب عنه مختلف.
فمبنى الطريق الأول على استلزام رفع اليد عن اللازم ؛ لرفع اليد عن الملزوم مجازا وبالعناية. فلذا صحت دعوى أن المتيقن ، أو المنصرف من التعبد بالشيء عدم رفع اليد عنه حقيقة ، لا ولو كان بالعناية.
إلا أن الأنسب ما ذكرنا : من أن التعبد بالملزوم ، حيث أنه بلسان النهي عن نقض اليقين عملا ، فلا يعم في نفسه إلا لرفع اليد عن الملزوم ؛ إذ ليس رفع اليد عن اللازم مصداق نقض اليقين ، ولا موجبا لاسناد نقض اليقين إلى الملزوم مجازا ، فلا مجال للاطلاق ، حتى يدفع بالقدر المتيقن أو بالانصراف.
كما أن مبنى الطريق الثاني ليس على صدق نقض اليقين على رفع اليد عن اللازم ، ولا على استلزامه لصدق النقض في الملزوم ، بل على أن التعبد بالأثر تعبد بأثر ذلك الأثر ، وهلم جرّا ، فلو كان للأثر أثر بقاء ، كان التعبد بمؤثره - الذي هو مورد اليقين - تعبدا بأثره الذي ليس مورد اليقين.