الآخر ، ولا بشرطية وجود شيء - بلحاظ تعيناته - ليست إلا بلحاظ عنوان الوجود المفروض فانيا في مطابقه مضافا الى طبيعة غير ملحوظه بتعيناتها الواقعية.

وحيث أن مثله يصدق على كل هوية - من هويات تلك الماهية - فلذا يسري الحكم ، ويوجب خروجها من حد الفرض والتقدير إلى حد الفعلية والتحقيق ، وهو معنى ملاحظة الوجود بنحو السعة ، لا أن لهذا المفهوم مطابقا واحدا في الخارج ، حتى يكون الشك في بقائه بعد اليقين بوجود مضاف إلى ماهية متعينة باحد التعينات.

ثانيهما - استصحاب صرف الوجود بالمعنى المصطلح عليه - وهو الموجود بنحو لا يشذ عنه وجود - أي ملاحظة الموجودات بنهج الوحدة في الكثرة. وصرف وجود الشيء لا يتثنى ولا يتكثر.

وهذا المفهوم - بناء على إصالة الوجود وبساطته ، وإن الكثرة الماهوية اعتبارية عرضية - له مطابق في الخارج ، حيث أن حقيقة الوجود بناء على هذا المبنى واحدة لا ثاني لها ، إذ الماهية والعدم ليسا ثانيا للوجود ، الذي حيثية ذاته حيثية طرد العدم.

وعليه فأنحاء وجودات الكلي بملاحظة التعينات واحدة ، حيث أن التعينات اعتبارية ، وعدم كون الشك في البقاء إنما كان بلحاظ تغاير الوجود المتيقن ، مع الوجود المشكوك ، ومع وحدتهما ، وعدم تعدد - الواقعي - لا يبقي مانع عن الشك في البقاء.

وفيه : إن حقيقة الوجود ، وإن كانت كذلك ، إلا أنه بلحاظ تمام الوجودات بنحو الوحدة ، والغاء الكثرات لكونها ماهوية اعتبارية ، وبملاحظة أن غير حقيقة الوجود لا يعقل تخلله في حقيقة الوجود ، حتى تعدد حقيقة الوجود.

وصرف الوجود - بهذا المعنى - لا مطابق له ، إلا وجود الباري عزّ اسمه. وفيضه المقدس المنبسط على ما سواه ، وأما صرف حقيقة الوجوب أو الندب ، أو صرف حقيقة الماء أو النار ، فلا مطابق له خارجا حتى يكون لكل طبيعة من الطبائع - مضافا إلى وحدتها الماهوية وصرافتها في الماهية - وحدة وصرافة في الوجود. فتدبره فانه حقيق به.

(٦٩) قوله قدس سره : فانه يقال : الأمر ، وإن كان كذلك ، إلا أن... الخ (١)

لا يخفى عليك أن الحكم الوجوبي والندبي ، إما أن يراد منهما الارادة الأكيدة الشديدة ، والارادة الضعيفة. وإما أن يراد منهما الانشاء بداعي جعل الداعي المنبعث عن ارادة حتمية ، أو غير حتمية ، أو عن مصلحة ملزمة أو غير ملزمة.

__________________

(١) الكفاية ٣١٤ : ٢.

۴۳۰۱