التعبد بالكلي لا تعبد في ترتيب أثر الفرد ، إلاّ على الأصل المثبت ، وفي كفاية التعبد بالفرد لترتيب أثر الكلي ايضا وجهان :
من أن الطبيعي عين الفرد - في الخارج - ووجوده بعين وجود الفرد ، فالتعبد بالفرد تعبد بالطبيعي الموجود بعين وجوده ، فيفيد ترتيب أثر الكلي كما يفيد ترتيب أثر الفرد.
ومن أن الكلي والفرد بالنظر العرفي اثنان ، يكون بهذا النظر بينهما التوقف والعلية ، دون الاتجاد والعينية ، فلا يكون التعبد بالفرد عرفا تعبدا بالكلي بهذا النظر ، وهو المعتبر في هذا الباب.
ثم أفاد (قدس سره) أن وساطة الفرد للكلي ، وإن كانت ثابتة بنظرهم ، لكنها ملغاة بمسامحاتهم ، والعبرة في باب ترتيب الأثر بهذا النظر المسامحي ، كما سيجىء إن شاء الله تعالى ، في تحقيق ما هو المعتبر في موضوع الاستصحاب عقلا أو دليلا أو عرفا. هذا ملخص كلامه زيد في علو مقامه.
والتحقيق : إن عينية وجود الطبيعي ووجود فرده أجنبية عن مقام التعبد بأثر الكلي ، فانهما متحدان بحسب وجودهما الخارجي ، لا بحسب وجودهما التعبدي ، وليس في التعبد بموضوع - ذي أثر - جعل الموضوع حقيقة ، حتى يكون جعل الفرد جعل الطبيعي المتحد معه ، وليس أثر الكلي بالنسبة إلى أثر الفرد طبيعيا بالاضافة إلى فرده.
كما أن اثنينية الطبيعي وفرده عرفا ، لمكان التوقف والعلية إن كانت بالنظر إلى وجودهما الخارجي ، فالأمر بالعكس ؛ إذ بالنظر العرفي إلى ما في الخارج ، لايراهما العرف إلا واحدا ، وإنما الاثنينية عقلية بالتحليل العقلي.
وكذا التوقف والعلية - أيضا - ليس بحسب النظر العرفي ، بل بالنظر الدقيق العقلي بملاحظة أن الفرد مجرى فيض الوجود بالنسبة إلى الطبيعي ، بل هو بالنظر البرهاني الذي يتوقف على تجديد النظر جدا.
وإن كانت الاثنينية عرفا بالنظر إلى مقام موضوعية الكلي والفرد لأثرين المترتبين عليهما ، والاتحاد عرفا بالنظر إلى أنهما بمناسبة الحكم والموضوع موضوع واحد لهما أثران ، فالاثنينية حينئذ ليست بملاك التوقف والعلية.
كما أن وحدة الموضوع تقتضي أن يكون هناك موضوع واحد له أثران ، والتعبد بالواحد تعبد بجميع آثاره ، وحينئذ ليس عنوان الكلية والفردية ، ولا عنوان خفاء الواسطة دخيلا في ترتيب الأثرين.
بل التعبد بحدث الجنابة - مثلا - تعبد بجميع آثاره ، ولهذه الوحدة يكون التعبد بهذه