الله مقامه -
والتحقيق : أن التعبد بالبقاء لا يخلو عن أنه : إما يكون حكما نفسيا ، وإمّا يكون حكما طريقيا. فان كان من قبيل الأول ، فهو - كالحكم الواقعي - قابل لأن يتنجز بمنجز ، إمّا ابتداء أو بالملازمة ، ولكنه لا يمكن الالتزام بدوران التعبد بالبقاء مدار الثبوت الواقعي.
بل لو أيقن بوجوب شيء في الزمان الأول ، وشك في بقائه في الزمان الثاني ، ولم يكن ثابتا في الزمان الأول واقعا ، وكان ثابتا واقعا في الزمان الثاني ، الذي هو مورد التعبد ، فانه لا شبهة في جريان الاستصحاب واقعا ، مع أنه لا ثبوت واقعا.
فيعلم منه أن الثبوت - المقوم للاستصحاب - هو الثبوت العنواني المقوم لصفة اليقين أو للامارة المنجزة ، وهو عبارة أخرى عن دوران التعبد الاستصحابي مدار اليقين بالثبوت ، أو ما هو كاليقين بالثبوت ، دون نفس الثبوت ،
وإن كان من قبيل القسم الثاني ، فهو في نفسه غير قابل للدخول في اللوازم القابلة لان يتنجز بمنجز كملزومها.
ولا يعقل تعليق منجزية احتمال البقاء على الثبوت الواقعي ، فان معناه : إن احتمال البقاء ، مع عدم احراز الثبوت ، بل بمصادفة الثبوت الواقعي منجز ، والحال إن المنجزية لا يعقل أن تكون (١) مع عدم وصول الانشاء بداعي التنجيز ، ولا مع عدم وصول موضوع المنجز - كليا وجزئيا - ، ولا مع عدم وصول المعلق عليه المنجزية ؛ فان فعلية المنجزية ، وتنجزها واحدة ، فلا يعقل تعلقها بأمر واقعي غير واصل ، وإلا لأمكن تنجز الواقع مع عدم وصوله.
ومنه تعرف أن احتمال الثبوت الواقعي - الملازم لمنجزية احتمال البقاء - لا يوجب الامتثال من باب احتمال العقاب ، فيجب دفع الضرر المحتمل عقلا. وذلك ؛ لأن احتمال الثبوت لا يلازم فعلية المنجزية ، حتى يوجب احتمال العقاب ، لاحتمال مصادفة احتمال البقاء للبقاء واقعا ، بل يلازم احتمال منجزيته ، ولا يحتمل العقاب إلا مع فعلية المنجزية المرتبة على وصول المنجز بجميع أطرافه ؛ فاحتمال العقاب نتيجة وجود مقطوع المنجزية ، لا محتمل المنجزية ، وما لا يضره الاحتمال هو احتمال الواقع ، الذي قامت عليه حجة منجزة له ، فان معنى المنجز : أنه لو صادف الواقع يوجب استحقاق
__________________
(١) تامّة.