(٥٩) قوله قدس سره : بخلاف من التفت قبلها وشك ثم غفل... الخ (١) .
ويمكن الاشكال عليه بلحاظ ما تقدم من الأمرين اللذين عليهما يبتنى اعتبار الشك الفعلي.
أما الظهور في فعلية الشك ، فلا فرق بين الحدوث والبقاء ؛ لأن الشك الفعلي ، إن كانت حيثية تقييدية للحكم الاستصحابي ، فقد زالت بالغفلة ، وإن كانت حيثية تعليلية - حدوثا لا بقاء - فمما لا دليل عليه ؛ لأنا إن استظهرنا الفعلية - من قوله عليه السلام ( لا تنقض اليقين بالشك ) فلا فرق بين الحدوث والبقاء ، وإن قلنا بأنه يكفى في ثبوت الشك ثبوته بثبوت مقتضية ، فلا فرق أيضا بين الحدوث والبقاء.
وأما اقتضاء الطريقية ، لعدم تعقل إناطة الحكم الطريقي المسوق بداعي تنجيز الواقع بالشك التقديري ، فالأمر أوضح ؛ إذ مقتضاه أنه لو دخل في تلك الحالة في الصلاة ، كان مستحقا لعقاب تارك الصلاة بفقد الشرط المنجز بحكم الاستصحاب
ومن الواضح أن بقاء التنجز - بهذا المعنى - مع الغفلة غير معقول ، كما كان كذلك حدوثا.
والجواب : أما بناء على المبنى الأول ، فبان الغفلة عن موجب الشك وسببه مانعة عن تحقق أصل الشك ، وأما الغفلة عن الشك بعد وجوده - بوجود سببه - فمانعة عن الالتفات إليه وإلى حكمه ، لا عن أصله ، لان العلوم والادراكات لا تزول بعدم الالتفات إليها ، بل موجودة في أفق النفس ، لكنها غير ملتفت إليها ، والعلم بالشيء أمر ، والعلم بالعلم أمر آخر ، وكذا سائر الصفات. فالالتزام بأن الشك الفعلي حيثية تقييدية - حدوثا وبقاء - لا مانع منه.
وأما بناء على المبنى الثاني ، المجامع لفرض بقاء الشك في أفق النفس أيضا ، فبأن التنجز لا ينحصر في ترتب أثر المخالفة للتكليف ، حتى يقال : بأن بقاءه محال ، بل شأن الأمر الطريقي إيقاع المكلف في كلفة الواقع تكليفا ووضعا.
فالحدث الواقعي - الذي لم يكن له كلفة المانعية فعلا - صار بسبق اليقين به ، والشك في بقائه مانعا فعليا ، فالصلاة مقرونة بالمانع الفعلي ما لم يأت برافعه ، وان غفل عن اقترانها بالمانع ، البالغ مرتبة الفعلية ، بسبق الأمر الاستصحابي المبلّغ له إلى مرتبة الفعلية.
(٦٠) قوله قدس سره : قلت نعم لو لا قاعدة الفراغ... الخ (٢)
__________________
(١) الكفاية ٣٠٩ : ٢.
(٢) الكفاية ٣٠٩ : ٢.