وأما إجراء الاستصحاب - في الجزء الآخر - بلحاظ الأثر التعليقي المرتب عليه ، عند انضمام ما نزل منزلة اليقين بالواقع - فعلا - إليه ، ففيه كلام قد تعرضنا له فى مباحث القطع ، فراجع (١) .

ومنها : إن حرمة نقض اليقين في نفسها ، هل تعم الشبهة الحكمية والموضوعية‌ ؟ أم يختص بالأولى‌ ؟ أم يختص بالثانية بلحاظ موردها ؟

ولا يخفى عليك أن نقض اليقين ، وإن كان أعم مما إذا تعلق اليقين بالحكم أو بالموضوع ، والموضوع وإن كان قابلا للتنزيل كالحكم ، إلا أن نقض اليقين بالحكم اسناد له إلى ما هو له ، فان الفعل مما يكون ابقاء عملا لليقين بوجه ، وللمتيقن بوجه آخر.

وإسناد نقض اليقين إلى الموضوع اسناد إلى غير ما هو له ، لأن اليقين بالموضوع ، لا باعثية له بنفسه ، بل بلحاظ انبعاث اليقين بحكمه منه ، والموضوع المتيقن لا اقتضاء تشريعي له ، بل لحكمه.

والجمع بين الاسنادين في كلام واحد ، وان كان معقولا - كما بيناه في أوائل البراءة عند التعرض لحديث الرفع (٢) - لكنه مخالف للظاهر ؛ إذ الظاهر من الاسناد الكلامي كونه إلى ما هو له.

وقبول الموضوع للتنزيل - بلحاظ التعبد بحكمه - لا يجدي في دفع هذا المحذور.

كما أن دعوى - إنه من قبيل الاختلاف في المحققات والمصاديق ، مع وحدة المفهوم والمعنى ، نظرا إلى أن المكنى عنه جعل الحكم المماثل ، وإن كان بحسب المصداق تارة جعل الحكم المماثل للمتيقن ، وأخرى جعل الحكم المماثل لحكم المتيقن - لا تجدي أيضا في حفظ ظهور ( لا تنقض اليقين ) من حيث اسناد النقض إلى ما هو له ، والا كان لازمه جعل الحكم المماثل لخصوص المتيقن ؛ لأن ملزومه نقض اليقين بالحكم عملا ، فانه الموافق لظهور الاسناد إلى ما هو له.

كما أن جعل اللازم والملزوم خصوص جعل الحكم المماثل للحكم المتيقن ، مع تعميم اليقين بالحكم - من حيث انبعاثه عن اليقين بالموضوع وعدمه - لا يجدي ؛ إذ التنزيل في الحكم مع الشك في موضوعه ، من دون تنزيل في موضوعه ، لا معنى له.

فالتحقيق : إن هذه المحاذير إنما ترد إذا أريد نقض اليقين ، أو المتيقن عملا من المعنى

__________________

(١) ج ٣ : التعليقة : ٢٥ : ذيل قول الماتن « قده » « وما ذكرنا في الحاشية في وجه تصحيح لحاظ واحد الخ » والتعليقة : ٢٦.

(٢) ج ٤ : التعليقة : ١٢ ذيل قول الماتن « قده » « فان ما لم يعلم من التكليف مط الخ » .

۴۳۰۱