بيان ترتب العقاب على شيء ، فعلا أو تركا - مما لا ينبغي الريب فيه ، بل كان في الصدر الاول الافتاء والقضاء بنقل الخبر.

واما اية السؤال (١) فظاهرها وان كان ايجاب السؤال لأن يعلموا ، حيث انهم لا يعلمون ، والظاهر ان يعلموا بالجواب ، لا بأمر زائد على الجواب ، فتدل على حجية الجواب بما هو ، الاّ ان المسؤل بحسب سياق الاية اهل الكتاب ، وبحسب التفاسير (٢) الواردة فيها الائمة عليهم السّلام ، فهي على ايّ حال اجنبية عن حجية الفتوى والرواية معا.

الا ان يقال انه بالاضافة الى علماء اهل الكتاب جار مجرى الطريقة العقلائية - من ارجاع الجاهل الى العالم - فتأمل جيدا.

واما الاخبار الدالة على جواز الافتاء والاستفتاء (٣) فهي وان كانت احسن ما في الباب ، الا ان الافتاء حيث كان في الصدر الاول بنقل الخبر ، وكان نشر الاحكام في زمان النبي والامام عليهما السّلام بنقل الاخبار والاثار - لا باعمال الراي والنظر - فلذا لا تدل الاّ على حجية الخبر. فتدبر.

ومنه تعرف ما في الاستدلال بقوله عليه السّلام ( فللعوام ان يقلدوه ) (٤) فان قبول اخبار الغير من غير دليل على المخبر به يصدق عليه التقليد عرفا ، كما يدل عليه مورد هذا الخبر. فراجع.

بل الحق ان مادة الفتوى - حتى بلسان الشرع - غير متقومة بالرأي والنظر المخصوص بالمجتهد كما في قوله تعالى ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاٰلَةِ (٥) وقوله عليه السّلام ( اذا افتيتك بشيء ) (٦) بل لا تختص بالاحكام كما في قوله تعالى ﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً (٧) وقوله تعالى ﴿ وَلاٰ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ

__________________

(١) النحل : ٤٣ والانبيآء : ٧.

(٢) راجع تفسير نور الثقلين ٥٥ : ٣ : حديث ٨٧ - ١٠٢.

(٣) الوسائل ١٨ : باب ٤ و٦ و١١ من ابواب صفات القاضي.

(٤) الوسائل ٩٤ : ١٨ : باب ١٠ من ابواب صفات القاضي : حديث ٢٠.

(٥) النساء : ١٧٦.

(٦) الوسائل ٧٩ : ١٨ : حديث ١٧ ، منقول بالمعنى وفي العيون ٢٧٥ : ١ : حديث ١٠ « فاذا افتاك بشيء... » .

(٧) الصافات : ١١.

۴۳۰۱