له حالة سابقة كان معلوم الحرمة بوجه.
والجواب : إن عنوان موضوع الاستصحاب أيضا هو المشكوك فعلا من جميع الجهات ، وغايته هو اليقين ولو بوجه ، وهذا الموضوع - بما هو محتمل الحلية والحرمة - معلوم الحلية ، فلا شك من جميع الجهات ، ولا فارق بين موضوع الاستصحاب ، وموضوع الأصول ، ولا بين غايته وغايتها.
وليس الاستصحاب كالامارة ، لئلا يكون موضوعها متقوّما بالشك ، ولا حكمها مغيى بالعلم ، فلذا يدور الأمر فيها بالنسبة إلى الأصول بين التخصص والتخصيص المحال ، دون الاستصحاب بالاضافة الى سائر الأصول.
ومنه يظهر حال الحكومة من حيث إلغاء احتمال الخلاف بدليل اعتبار الاستصحاب ، فان الحكم في الاستصحاب - وسائر الأصول - حكم المحتمل بما هو ، فإلغاء الاحتمال في كليهما متساوي النسبة وليس كمفاد الامارة ، بحيث يكون الحكم فيها مرتبا على ذات الموضوع ، حتى لا يلغى بالغاء الاحتمال.
وأما ما أفاده الشيخ الأعظم (قدس سره) في الرسائل (١) في تقريب حكومته عليها :
من أن دليل الاستصحاب بالاضافة إلى قوله عليه السلام ( كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ) (٢) بمنزلة المعمم للنهي السابق الوارد ، فمجموع الدليلين يدلان على أن كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي وكل نهي وارد في زمان باق في جميع أزمنة احتماله ، فيكون الرخصة مغيى بورود النهي المحكوم في مورد الاستصحاب بالدوام ، فغير تام في نفسه.
لأن تعميم النهي الواقعي عنوانا لا يجدي في دفع موضوع الأصل ، ولا في تحقق الغاية ، ولذا لا يكون مجرد تنزيل المؤدي منزلة الواقع مجديا في احد الأمرين ، فان النهي الواقعي - مثلا - يجامع بقاء موضوع الأصل وعدم حصول الغاية ، فكيف بما نزل منزلته عنوانا ، بل لابد من تنزيل وصول الحكم عنوانا منزلة وصول الحكم الواقعي ، فان المراد من ورود النهي المغيّى به الرخصة ، كما تحقق في محله (٣) وروده على المكلف المساوق لوصوله إليه ، وحيث أن لسان دليل الاستصحاب إبقاء اليقين ، لا إبقاء ذات المتيقن ، فلا محالة يقتضي وصول النهي السابق فعلا عنوانا. وهذا معنى الحكومة وتنزيل اليقين السابق منزلة اليقين فعلا ، وإثبات الغاية عنوانا.
__________________
(١) الرسائل : ٤٢٣ : في المقام الثالث « معارضة سائر الاصول للاستصحاب » .
(٢) الوسائل : ج ١٨ : الباب ١٢ من ابواب صفات القاضي : ص ١٢٧ الحديث ٦٠.
(٣) تقدم في ج ٤ : التعليقة ٢١ مبحث البرائة والاشتغال ذيل قول الماتن قده « ودلالته يتوقف على عدم صدق الورود الخ » .