مع أن إحراز ذات الملزوم واقعا لا يلازم إحراز لازمه ، حتى يكون اعتبار الاحراز للملزوم مستلزما لاعتبار إحراز لازمه ، بل لمكان العلم بالملازمة يكون التلازم بين الاحرازين ، ولا ملازمة جعلية بين الاحرازين ، حتى يستلزم إحراز الملزوم اعتبارا إحراز لازمه اعتبارا. فتدبر جيّدا.
وثانيا - إن اعتبار الهوهوية في الطريق ، كما يستكشف من قوله عليه السّلام « صدّقه » (١) بتقريب أنه أمر باعتقاد صدق المخبر ، فيعلم منه أن ما يحصل بالخبر بحسب اعتبار الشارع علم بالواقع واعتقاد بصدق الخبر ، فلنا استكشاف مثله من قوله عليه السلام ( لا تنقض اليقين ) فانه يستكشف منه أن اليقين السابق في اعتبار الشارع محقق في اللاحق ، وغير منتقض بالشك اعتبارا - بل هو أولى بذلك ، لظهور نقض اليقين في نقض نفسه ، وإرجاع التصديق - الظاهر في إظهار صدق العادل بالعمل - إلى اعتقاد صدقه ، وهو التصديق الجناني.
وثالثا - إن الأمر بالتصديق الجناني أو التصديق العملي ، لا يكون كاشفا عن اعتبار كونه عالما بصدقه ، حتى يكون الأمر بالتصديق إظهارا لاعتبار الهوهوية بين الخبر والعلم ، إذ ليس كشف شيء عن شيء ، وإظهار شيء بشيء آخر جزافا ، بل لملازمة بينهما ، فيظهر أحد المتلازمين بالآخر.
ومن البين أن العمل لازم اعتقاد الصدق ، فله الأمر باعتقاد الصدق ، للانتقال إلى الأمر بالعمل ، وليس اعتبار الاعتقاد لازم نفس الاعتقاد ، ولا لازم نفس الأمر بالاعتقاد. أما الأول فواضح. وأما الثاني ، فان مقتضى الأمر بتحصيل شيء عدم حصوله ، لا حصوله حقيقة أو اعتبارا ، وكذا الأمر في الأمر باظهار صدقه عملا.
ومنه يتضح حال النهي عن نقض اليقين حقيقة أو عملا ، ولا معنى لكونه إرشادا الى اعتبار كون الشخص عالما ومعتقدا للصدق ، إذ حقيقة الارشاد هو الانشاء بداعي إظهار رشد العبد وخيره في المادة التي تعلق بها البعث الانشائي ، وليس اعتبار الاعتقاد من فوائد اعتقاد الصدق المتعلق به البعث الانشائي حتى يكون للارشاد إليه مجال.
فاتضح أن اعتبار الهوهوية غير صحيح بحسب مقامي الثبوت والاثبات ، ومع فرض التمامية يكون حال الاستصحاب حال الامارات.
ثانيها - ما عن شيخنا العلامة ( رفع الله مقامه ) من أن الخبر ، كما يحكى عن الشيء
__________________
(١) المتحصل من ادلة اعتبار الامارة.