- حقيقة - للواقع ، يستلزم كونه بحسب الاعتبار محرزا للوازمه ، كما أن اعتبار بقاء اليقين ، واعتبار كون الشخص متيقنا بالواقع في اللاحق ، يستلزم اعتبار كونه متيقنا بلوازمه بقاء.
وأما الاخيران ، فلأن جعل الحكم المماثل للمؤدى أو للمتيقن - بعنوان التصديق العملي ، أو بعنوان الابقاء العملي لليقين - يقتضي جعل الحكم المماثل لما ينطبق عليه التصديق العملي ؛ وليس هو إلا ما تعلق به الخبر ، دون غيره ، حيث لا خبر عنه ، ليكون له تصديق عملي ، وكذا يقتضي جعل الحكم المماثل لما ينطبق عليه ابقاء اليقين عملا ، وليس هو إلا ما تعلق به اليقين سابقا ، دون لازمه الذي لم يتعلق به اليقين ، ليكون له ابقاء لليقين عملا ، بل ربما يكون عدمه متيقنا سابقا.
وكذلك جعل الخبر منجزا ، أو جعل اليقين السابق - المنجز لما تعلق به - منجزا له في اللاحق ، فانه لامساس له بغيره حتى يكون منجزا له بقاء ، كما كان منجزا له حدوثا.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أن الصحيح من المعاني أحد الاخيرين ، دون الأولين.
أما لزوم الالتزام ، فلأن الالتزام الجدي بالواقع مع عدم إحرازه محال ، والمفروض عدم جعل الحكم المماثل ، ليكون الالتزام به حقيقة ، وبالواقع عنوانا ، فلا مجال لدلالة الاقتضاء أيضا ، فانها خلف.
وأما الالتزام بالواقع بناء ، فهو تشريع لا معنى للأمر به ، مع أن المطلوب من الأحكام العملية تطبيق العمل عليها ، لا عقد القلب عليها.
نعم لزوم الالتزام بالواقع كناية للانتقال إلى الأمر بالعمل - حيث أن من يلتزم بشيء يعمل ، ومن لم يلتزم به لا يعمل - صحيح ، إلا أنه راجع إلى جعل الحكم المماثل ، كما لا يخفى.
وأما اعتبار الهوهوية بين الظن والعلم ، أو بين اليقين حدوثا وبقاء ، فهو غير صحيح ، كما قدمنا في مبحث الظن ، وغير مفيد هنا ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى (١) .
واذ تبين بطلان الحجية بالمعنيين الأولين ، وانحصر في أحد المعنيين الأخيرين يتبين عدم حجية المثبت من الاستصحاب ، بل عدم الحجية في الامارات أيضا ، بناء على عدم مساس للامارة باللازم ، والا كان اللازم كالملزوم من حيث تعلق الخبر بكل منهما. كما
__________________
(١) التعليقة ٩٠ : ذيل قول الماتن « قده » « ثم لا يخفى وضوح الفرق بين الاستصحاب » .