وربما يتخيل أن الشك في الثانية في الانقضاء لا في الاقتضاء (١) .
ويندفع : بأنه لا فرق بينهما إذ لا يقين بالمقتضي في زمان الشك من الأول.
وأما الشبهة في الرافع.
فقد تكون حكمية - سواء شك في أن له رافعا أم لا ، أو شك في أن له رافعا آخر أم لا ، أو شك في أن الرافع المعلوم هل يعم هذا الشيء أم لا ؟
وقد تكون موضوعية - كما إذا شك في أن هذا بول ، حتى يكون رافعا للطهارة ، أو مذي ، حتى لا يكون رافعا لها. وعلى أي حال يساوق إحراز المقتضي.
ثم إن تصور الشك في الرافع والمقتضي في المستصحبات الوجودية مما لا شبهة فيه ، وأما العدميات فربما يتخيل أنه لا يتصور فيها الاقتضاء ، فلا يتصور فيه الرافع والمانع.
ويندفع : بأن عدم الايجاب ربما يكون لعدم مصلحة للفعل في زمان خاص ، مع صيرورته ذا مصلحة في زمان آخر ، ولو لأجل دخل زمان مخصوص في صيرورة الفعل ذا مصلحة ، في قبال ما إذا لم يكن للفعل في جميع الأزمان مصلحة ، لكنه قابل لعروض عنوان ذي مصلحة عليه.
فاذا تردد أمر ايجاب فعل في كونه من قبيل الأول أو من قبيل الثاني ، كان من قبيل الشك في المقتضي ، واذا فرض كونه من قبيل الثاني ، وشك في عروض عنوان موجب لانقلاب العدم إلى الوجود ، كان من قبيل الشك في الرافع.
ويمكن أن يجعل العدم بالاقتضاء - أيضا - بأن يكون في الايجاب مفسدة ، مقتضية لعدم الايجاب ، مانعة عن تأثير المصلحة - الثابتة في الفعل - في ايجابه ، فقد يحرز الاقتضاء للعدم ، ويشك في عروض عنوان اقوى تأثيرا.
وقد لا يحرز ذلك على الاطلاق ، بل تردد أمر المفسدة المقتضية لعدم الايجاب بين أن تكون في خصوص زمان أو مطلقا.
هذا وإذا عرفت ما مهدناه من الأمور المتقدمة تعرف أن الموضوعات مختلفة - من حيث كون الشك في المقتضى أو في الرافع - فراجع.
وأما الأحكام مطلقا ، فقد عرفت ملاك أحد الأمرين ، وأن الشك إن كان من ناحية عدم زمان أو زماني ، فهو من الشك في الرافع ، للبرهان المتقدم ، وإن كان الشك من ناحية أمر ثبوتي من زمان أو زماني ، فهو محتمل للأمرين - من حيث كونه مقوما
__________________
(١) كما عن المحقق النائيني « قده » فوائد الاصول : الجزء الرابع : ١١٧ واجود التقريرات : ج ٣٥٧ : ٢.