آخر ، إلاّ أن هذه الملازمة - الواقعية - لا تجدي في ظرف الشك ، بل الشك لتقومه باحتمال الوجود والعدم - مع فرض القطع بأصل الوجود من الأول - يستحيل أن يكون مقومه وجود فرد مخصوص وعدمه.

وعليه فاحتمال وجود الكلي وعدمه - في ثاني الحال - مسبب عن الشك في أن الحادث المعلوم بذاته أيّ الفردين هل هو الفرد الطويل‌ ؟ حتى يكون باقيا ، أو الفرد القصير ؟ حتى يكون مرتفعا ، ولا أصل يعين الحادث حتى يرتفع الشك بسببه.

وما ذكرنا هو المراد مما أفاد الشيخ الأجل (قده) في الرسائل (١) من أن ارتفاع القدر المشترك من آثار كون الحادث ذلك الفرد المقطوع الارتفاع ، لا من آثار عدم حدوث الأمر الآخر.

لا أن مراده تعليق الحكم على البقاء والارتفاع ، وعدم حدوث الأمر الآخر لا يثبت الارتفاع ، حتى يقال : (٢) بأن الحكم في الأدلة معلق على الوجود والعدم ، لا على البقاء والارتفاع ، أو يتكلف في جوابه بأن الحكم في الأدلة ، وان كان كذلك ، إلا أنه في عنوان الاستصحاب أخذ الشك في البقاء والارتفاع. فتدبر جيّدا.

وأما المقام الثاني - فمختصر القول فيه : إنه يتوقف صحة التوهم المزبور على سببية وجود الفرد لوجود الكلي ، وترتب وجود الكلي على وجود فرده ، ترتب المسبب على سببه في ذاته ، وعلى أن يكون هذا الترتب شرعيا ، حتى يكون الأصل في السبب حاكما على الأصل في المسبب ورافعا للشك ، في (٣) ترتبه عليه شرعا ، وكلاهما واضح البطلان.

أما أصل الترتب ، والسببية والمسببية ، فلما هو المعروف من العينية بين الطبيعي وفرده ، وإن وجوده بعين وجوده ، فلا اثنينية حتى يتوهم السببية والمسببية.

وأما العلية بمعنى كون الفرد مجرى فيض الوجود بالاضافة إلى الماهية النوعية ، كالفصل بالاضافة إلى الجنس ، وكالصورة بالاضافة إلى المادة ، فهي بمعنى لا ينافي العينية في الوجود.

فان ملاك العلية هو ملاك العينية ، وذلك لأن الموجود - بالذات - هي الصورة ، وهي جهة الفعلية ، والموجود - بالعرض - هي جهة القوة ، وهي المادة ، لأن التركيب

__________________

(١) الرسائل : ٣٧١ : التنبيه الاوّل.

(٢) القائل هو السيد الطباطبائي اليزدي « قده » في حاشيته على المكاسب : ص ٧٣.

(٣) الظاهر أن كلمة « في » هنا للعلية.

۴۳۰۱