الواجب (١) على نحوٍ يستحيل أن تكون مورداً للتكليف، كما إذا أُخذ عنواناً للمكلّف، كالمسافر والحاضر والمستطيع... إلى غير ذلك، أو جُعل الفعلُ المقيّد باتّفاق حصوله وتقدير وجوده - بلا اختيار أو باختياره - مورداً للتكليف ؛ ضرورةَ أنّه لو كان مقدّمة الوجوب أيضاً لا يكاد يكون هناك وجوب إلّا بعد حصوله، وبعد الحصول يكون وجوبه طلب الحاصل، كما أنّه إذا أُخذ على أحد النحوين يكون كذلك، فلو لم يحصل لما كان الفعل مورداً للتكليف، ومع حصوله لا يكاد يصحّ تعلّقه به، فافهم.

وجوب المقدّمات قبل الوقت ووجوه دفع الإشكال فيها

إذا عرفت ذلك فقد عرفت: أنّه لا إشكال أصلاً في لزوم الإتيان بالمقدّمة قبلَ زمان الواجب، إذا لم يقدر عليه بعدَ زمانه، في ما كان وجوبه حاليّاً مطلقاً، ولو كان مشروطاً بشرطٍ متأخّرٍ كان معلومَ الوجود في ما بعد، كما لا يخفى ؛ ضرورةَ فعليّة وجوبه وتنجُّزه بالقدرة عليه (٢) بتمهيد مقدّمته، فيترشّح منه الوجوب عليها - على الملازمة -. ولا يلزم منه محذور وجوب المقدّمة قبلَ وجوب ذيها، وإنّما اللازم الإتيان بها قبل الإتيان به، بل لزومُ الإتيان بها عقلاً - ولو لم نقل بالملازمة - لا يحتاج إلى مزيد بيان ومؤونة برهان، كالإتيان بسائر المقدّمات في زمان الواجب قبل إتيانه.

__________________

(١) قال في حقائق الأُصول ١: ٢٥٠: كان الأولى أن يقول بدله: ولا مأخوذة في الواجب ؛ لأنّ الشرط في وجوب التحصيل على المكلّف انتفاء الجميع لا انتفاء أحدهما كما هو مفاد كلمة « أو ». وقال في منتهى الدراية ٢: ٢٠٥: هذا القيد ( أو مأخوذة في الواجب على نحو... ) مستدرك ؛ لاندراجه في مقدّمة الوجوب وكونه من مصاديقها.

(٢) لا يخفى: أن التنجّز من آثار قيام الحجّة على التكليف من علم أو علمي أو أصل، والقدرة من شرائط حسن ا لخطاب بملاك قبح مطالبة العاجز، فالأولى: إسقاط قوله: « وتنجّزه بالقدرة عليه ». ( منتهى الدراية ٢: ٢٠٧ ).

۳۸۳۱