تنبيهات المسألة:
وينبغي التنبيه على أُمور:
التنبيه الأول: مناط الاضطرار الرافع للحرمة
الأوّل: إنّ الاضطرار إلى ارتكاب الحرام وإن كان يوجب ارتفاعَ حرمته والعقوبةِ عليه، مع بقاء ملاك وجوبه - لو كان - مؤثّراً له، كما إذا لم يكن بحرام بلا كلام، إلّا أنّه إذا لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار، - بأن يختار ما يؤدّي إليه لا محالة -، فإنّ الخطاب بالزجر عنه حينئذٍ وإن كان ساقطاً، إلّا أنّه حيث يصدر عنه مبغوضاً عليه، وعصياناً لذاك الخطاب، ومستحقّاً عليه العقاب، لا يصلح لأن يتعلّق به الإيجاب. وهذا في الجملة ممّا لا شبهة فيه ولا ارتياب.
حكم الاضطرار بسوء الاختيار بناءً على الامتناع
وإنّما الإشكال في ما إذا كان ما اضطُرَّ إليه بسوء اختياره، ممّا ينحصر به التخلّص عن محذور الحرام - كالخروج عن الدار المغصوبة في ما إذا توسّطها بالاختيار - في كونه منهيّاً عنه، أو مأموراً به، مع جريان حكم المعصية عليه (١) أو بدونه (٢)، فيه أقوال.
هذا على الامتناع.
حكم الاضطرار بسوء الاختياربناءً على الجواز:
وأمّا على القول بالجواز:
١ - مختار أبي هاشم والمحقّق القمّي
فعن أبي هاشم: أنّه مأمور به ومنهيّ عنه (٣). واختاره الفاضل القمّيّ،
__________________
(١) وهو مختار الفصول: ١٣٨، ونسبه في القوانين ١: ١٥٣ إلى الفخر الرازي.
(٢) وهذا ما اختاره الشيخ الأعظم الأنصاري على ما في مطارح الأنظار ١: ٧٠٩، واستظهره من كلمات الفقهاء أيضاً.
(٣) نقله عنه العلامة في نهاية الوصول: ١١٧ والعضدي في شرح المختصر: ٩٤. وقال المحقّق الرشتي ( شرح كفاية الأُصول ١: ٢٣٦ ): أقول: في النسبة منع، وجهه: أن صاحب الجواهر قال - في مسألة الصلاة في المكان المغصوب التي قد أفتى المحقّق بصحّة الصلاة في ضيق الوقت في حال الخروج -: لكن عن أبي هاشم أنّ الخروج أيضاً تصرّف في المغصوب، فيكون معصية، فلا تصحّ الصلاة حينئذ وهو خارج، سواءٌ تضيّق الوقت أم لا ( جواهر الكلام ٨: ٢٩٤ ). وهو كما ترى صريح في أنّ أبي هاشم لم يقل بصحّة الصلاة المزبورة، ولو كان قائلاً في مسألة الاجتماع بالجواز ؛ لأنّ القول بالجواز من الجهتين لا يستلزم صحّة الصلاة ؛ لعدم تعدّد الجهة عنده.