لا ما أُمر به لأجل التعبّد به (١)، ولا ما يتوقّف صحّته على النيّة (٢)، ولا ما لا يُعلم انحصار المصلحة فيه في شيءٍ (٣) - كما عُرّفت بكلٍّ منها العبادةُ - ؛ ضرورةَ أنّها بواحدٍ منها لا يكاد يمكن أن يتعلّق بها النهي.
مع ما أُورد عليها بالانتقاض طرداً أو عكساً، أو بغيره - كما يظهر من مراجعة المطوّلات (٤) -. وإن كان الإشكال بذلك فيها في غير محلّه ؛ لأجل كون مثلها من التعريفات ليس بحدٍّ ولا برسمٍ، بل من قبيل شرح الإسم، كما نبّهنا عليه غير مرّة، فلا وجه لإطالة الكلام بالنقض والإبرام في تعريف العبادة، ولا في تعريف غيرها كما هو العادة.
٥ - تحرير محلّ النزاع
الخامس: أنّه لا يدخل في عنوان النزاع إلّا ما كان قابلاً للاتّصاف بالصحّة والفساد، بأن يكون تارةً تامّاً، يترتّب عليه ما يُترقّب عنه من الأثر، وأُخرى لا كذلك ؛ لاختلال بعض ما يعتبر في ترتّبه.
أمّا ما لا أثر له شرعاً، أو كان أثره ممّا لا يكاد ينفكّ عنه - كبعض أسباب الضمان - فلا يدخل في عنوان النزاع ؛ لعدم طروء الفساد عليه، كي ينازع في أنّ النهي عنه يقتضيه أو لا.
فالمراد ب « الشيء » - في العنوان - هو: العبادة بالمعنى الّذي تقدّم، والمعاملة بالمعنى الأعمّ، ممّا يتّصف بالصحّة والفساد، عقداً كان أو إيقاعاً أو غيرهما، فافهم.
__________________
(١) وهذا ما جعله هو الأجود في مطارح الأنظار ١: ٧٢٩.
(٢) وهو مختار المحقّق القمّي في القوانين ١: ١٥٤.
(٣) تعريف آخر عن المحقّق القمّي، راجع المصدر السابق.
(٤) يراجع الفصول: ١٣٩ - ١٤٠، ومطارح الأنظار ١: ٧٢٨ - ٧٣٠.