نقيضُ الآخر وبديلُه، بل بينهما كمال الملاءمة، كان أحد العينين مع نقيض الآخر وما هو بديلُه في مرتبةٍ واحدةٍ، من دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدُّمَ أحدهما على الآخر، كما لا يخفى.
فكما أنّ المنافاة (١) بين المتناقضين لا تقتضي تقدُّمَ ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر، كذلك في المتضادّين.
جوابٌ آخر عن التوهّم، بلزوم الدور
كيف ؟ ولو اقتضى التضادُّ توقُّفَ وجودِ الشيء على عدم ضدّه - توقُّفَ الشيءِ على عدم مانعه - لاقتضى توقُّفَ عدم الضدّ على وجود الشيء - توقُّفَ عدم الشيء على مانعه - ؛ بداهةَ ثبوت المانعيّة في الطرفين، وكون المطاردة من الجانبين، وهو دور واضح (٢).
جواب المحقّق الخونساري عن إشكال الدور
وما قيل (٣) - في التفصّي عن هذا الدور - بأنّ التوقّف من طرف الوجود فعليٌّ، بخلاف التوقّف من طرف العدم، فإنّه يتوقّف على فرض ثبوت المقتضي له، مع شراشر شرائطه غير عدم وجود ضدّه، ولعلّه كان محالاً، لأجل انتهاء عدم وجود أحد الضدّين - مع وجود الآخر - إلى عدم تعلّق الإرادة الأزليّة به، وتعلّقها بالآخر حَسَبَ ما اقتضته الحكمة البالغة، فيكون العدم دائماً مستنداً إلى عدم المقتضي، فلا يكاد يكون مستنداً إلى وجود المانع، كي يلزم الدور.
إن قلت: هذا إذا لوحظا منتهيين إلى إرادة شخص واحد. وأمّا إذا كان كلٌّ منهما متعلّقاً لإرادة شخص، فأراد - مثلاً - أحد الشخصين حركةَ شيءٍ،
__________________
(١) في غير حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: فكما أنّ قضيّة المنافاة.
(٢) هذا الإيراد وسابقه - إضافة إلى إشكالات أُخرى على توهّم المقدميّة - مذكورة في هداية المسترشدين ٢: ٢٢٣ - ٢٢٤.
(٣) القائل هو المحقّق الخونساري في رسالة مقدّمة الواجب المطبوعة ضمن « الرسائل »: ١٥٠ - ١٥١.