ولا يلزم (١) أحد المحذورين (٢) ؛ فإنّه وإن لم يبق له وجوب معه، إلّا أنّه كان ذلك بالعصيان ؛ لكونه متمكّناً من الإطاعة والإتيان، وقد اختار تركه بترك مقدّمته بسوء اختياره، مع حكم العقل بلزوم إتيانها، إرشاداً إلى ما في تركها من العصيان المستتبع للعقاب.

نعم، لو كان المراد من الجواز جوازَ الترك شرعاً وعقلاً للزم أحد المحذورين (٣)، إلّا أنّ الملازمة على هذا في الشرطيّة الأُولى ممنوعة ؛ بداهَة أنّه لو لم يجب شرعاً لا يلزم أن يكون جائزاً شرعاً وعقلاً ؛ لإمكان أن لا يكون محكوماً بحكمٍ شرعاً وإن كان واجباً (٤) عقلاً إرشاداً، وهذا واضح.

التفصيل بين السبب وغيره والإشكال فيه

وأمّا التفصيل بين السبب وغيره (٥): فقد استدلّ على وجوب السبب بأنّ التكليف لا يكاد يتعلق إلّا بالمقدور، والمقدور لا يكون إلّا هو السبب، وإنّما المسبّب من آثاره المترتّبة عليه قهراً، ولا يكون من أفعال المكلّف وحركاته أو سكناته، فلابدّ من صرف الأمر المتوجّه إليه عنه إلى سببه.

ولا يخفى ما فيه: من (٦) أنّه ليس بدليل على التفصيل، بل على أنّ الأمر

__________________

(١) في حقائق الأُصول: ولا يلزم منه أحد....

(٢) بل يلزم أحدهما إلّا أنّه ليس بمحذور، كما عرفت. ( حقائق الأُصول ١: ٢٩٨ ).

(٣) لا يخلو من مسامحة، والمراد: يكون كل منهما محذوراً. ( حقائق الأُصول ١: ٢٩٩ ).

(٤) الأولى أن يقال: « واجبة »، وكذا تأنيث الضمائر التي قبله ؛ لرجوعها إلى « المقدمة » وإن كان الأمر في التذكير والتأنيث سهلاً. ( منتهى الدراية ٢: ٤٠٦ ).

(٥) هذا التفصيل منسوب إلى السيّد المرتضى، راجع الذريعة ١: ٨٣.

(٦) في هامش « ش » كتبت: « مع » بدل « من » نقلاً عن نسخة من الكتاب.

۳۸۳۱