مدلول الجملات الخبرية و الإنشائية عند الأصحاب و المعتزلة
قلت: أمّا الجمل الخبريّة فهي دالّة على ثبوت النسبة بين طرفيها، أو نفيها في نفس الأمر من ذهنٍ أو خارجٍ، كـ « الإنسان نوعٌ » أو « كاتبٌ ».
وأمّا الصيغ الإنشائيّة فهي - على ما حقّقناه في بعض فوائدنا (١) - موجِدةٌ لمعانيها في نفس الأمر - أي: قُصِدَ (٢) ثبوت معانيها وتحقّقُها بها -، وهذا نحوٌ من الوجود، وربما يكون هذا منشأ لانتزاع اعتبارٍ مترتّب عليه - شرعاً وعرفاً - آثارٌ، كما هو الحال في صيغ العقود والإيقاعات.
نعم، لا مضايقة في دلالة مثل صيغة الطلب والاستفهام والترجّي والتمنّي - بالدلالة الالتزاميّة - على ثبوت هذه الصفات حقيقةً، إمّا لأجل وضعها لإيقاعها - في ما إذا كان الداعي إليه ثبوت هذه الصفات -، أو انصرافِ إطلاقها إلى هذه الصورة، فلو لم تكن هناك قرينةٌ كان إنشاء الطلب أو الاستفهام أو غيرهما بصيغتها لأجل كون الطلب والاستفهام وغيرهما قائمةً بالنفس وضعاً أو إطلاقاً (٣).
الإشكال على اتحاد الطلب و الإرادة ودفعه
إشكالٌ ودفعٌ:
أمّا الإشكال فهو: أنّه يلزم - بناءً على اتّحاد الطلب والإرادة - في تكليف الكفّار بالإيمان، بل مطلق أهل العصيان في العمل بالأركان، إمّا أن لا يكون هناك تكليفٌ جدّيّ، إن لم يكن هناك إرادة ؛ حيث إنّه لا يكون حينئذٍ طلبٌ حقيقيٌّ، واعتباره في الطلب الجدّيّ ربما يكون من البديهيّ، وإن
__________________
(١) الفوائد: ٢٨٩.
(٢) كلمة « قصد » مشطوب عليها في الأصل.
(٣) في « ق » و « ش » وحقائق الأُصول: لأجل قيام الطلب والاستفهام وغيرهما بالنفس وضعاً أو إطلاقاً.