الظاهريّ أيضاً - يُجزئ عن التعبّد به ثانياً ؛ لاستقلال العقل بأنّه لا مجال - مع موافقة الأمر بإتيان المأمور به على وجهه - لاقتضائه (٢) التعبّد به ثانياً.
نعم، لا يبعد أن يقال بأنّه يكون للعبد تبديل الامتثال (٣) والتعبّد به ثانياً، بدلاً عن التعبّد به أوّلاً، لا منضمّاً إليه - كما أشرنا إليه في المسألة السابقة (٤) -. وذلك في ما علم أنّ مجرّد امتثاله لا يكون علّة تامّة (٥) لحصول الغرض، وإن كان وافياً به لو اكتفى به، كما إذا أتى بماءٍ أمَرَ به مولاه ليشربه فلم يشربه بعدُ ؛ فإنّ الأمر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعدُ، ولذا لو اهرق الماء واطّلع عليه العبد وجب عليه إتيانه ثانياً، كما إذا لم يأت به أوّلاً ؛ ضرورةَ بقاءِ طلَبِهِ ما لم يحصل غرضه الداعي إليه، وإلّا لما أوجب حدوثه، فحينئذٍ يكون له الإتيان بماءٍ آخر موافقٍ للأمر - كما كان له قبلَ إتيانه الأوّل - بدلاً عنه.
نعم، في ما كان الإتيانُ علّةً تامّةً لحصول الغرض، فلا يبقى موقع للتبديل، كما إذا أمر بإهراق الماء في فمه لرفع عطشه فأهرقه.
بل لو لم يعلم أنّه من أيّ القبيل، فله التبديل باحتمال أن لا يكون علّة، فله إليه سبيل.
__________________
(١) أثبتنا العبارة كما في « ق »، « ش » وحقائق الأُصول. وفي الأصل وبعض الطبعات: بل أو بالأمر الاضطراري، وفي « ر »: بالأمر الواقعي أو بالأمر الاضطراري.
(٢) في « ش »: لاقتضاء.
(٣) في العبارة مسامحة، وقد مرّت في مبحث دلالة الأمر على المرّة. راجع كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٤١٥.
(٤) في مسألة المرّة والتكرار، إذ قال: وأمّا إذا لم يكن الامتثال علةً تامةً لحصول الغرض... فلا يبعد صحّة تبديل الامتثال بإتيان فردٍ آخر أحسن منه. راجع الصفحة: ١١٥.
(٥) مرّ... أنّ الامتثال علّة تامة دائماً، والأولى: التعبير ب: « إتيان المأمور به »، كما فعله في الشقّ الثاني بقوله: « نعم، في ما كان الإتيان ». ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٤١٥ ).