الواضح أنّ العموم المستفاد منهما كذلك، إنّما هو بحسب ما يراد من متعلّقهما، فيختلف سعةً وضيقاً، فلا يكاد يدلّ على استيعاب جميع الأفراد، إلّا إذا أُريد منه الطبيعة مطلقةً وبلا قيدٍ. ولايكاد يستظهر ذلك - مع عدم دلالته عليه (١) بالخصوص - إلّا بالإطلاق وقرينة الحكمة، بحيث لو لم يكن هناك قرينتها - بأن يكون الإطلاق في غير مقام البيان - لم يكد يستفاد استيعاب أفراد الطبيعة، وذلك لا ينافي دلالَتهما على استيعاب أفراد ما يراد من المتعلّق ؛ إذ الفرض عدم الدلالة على أنّه المقيّد أو المطلق.

اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ في دلالتهما على الاستيعاب كفايةً ودلالةً على أنّ المراد من المتعلّق هو المطلق، كما ربما يدّعى ذلك في مثل: « كلّ رجل »، وأنّ مثل لفظة « كلّ » تدلّ على استيعاب جميع أفراد الرجل، من غير حاجةٍ إلى ملاحظة إطلاق مدخوله وقرينة الحكمة، بل يكفي إرادة ما هو معناه - من الطبيعة المهملة ولابشرط - في دلالته على الاستيعاب، وإن كان لا يلزم مجاز أصلاً لو أُريد منه خاصٌّ بالقرينة، لا فيه ؛ لدلالته على استيعاب أفراد ما يراد من المدخول، ولا فيه إذا كان بنحو تعدّد الدالّ والمدلول ؛ لعدم استعماله إلّا في ما وضع له، والخصوصيّةُ مستفادة من دالٍّ آخر، فتدبّر.

٢ - دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة

ومنها: أنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة.

وقد أورد عليه - في القوانين (٢) - بأنّه مطلقاً ممنوع ؛ لأنّ في ترك الواجب أيضاً مفسدة إذا تعيّن.

__________________

(١) الظاهر: أنّ أصل العبارة: عدم دلالةٍ عليه. ( حقائق الأُصول ١: ٤١٢ ).

(٢) القوانين ١: ١٥٣.

۳۸۳۱