وقد عرفت سابقاً (١): أنّ داعي إنشاء الطلب لا ينحصر بالبعث والتحريك جدّاً حقيقةً، بل قد يكون صوريّاً امتحاناً، وربما يكون غير ذلك.
ومنعُ كونه أمراً إذا لم يكن بداعي البعث جدّاً واقعاً، وإن كان في محلّه، إلّا أنّ إطلاق الأمر عليه - إذا كانت هناك قرينةٌ على أنّه بداعٍ آخر غير البعث - توسّعاً، ممّا لا بأس به أصلاً، كما لا يخفى.
وقد ظهر بذلك حال ما ذكره الأعلام في المقام من النقض والإبرام.
وربما يقع به التصالح بين الجانبين، ويرتفع النزاع من البين، فتأمّل جيّداً.
فصل
[ تعلّق الأوامر والنواهي بالطبائع ]
ألحقّ: أنّ الأوامر والنواهي تكون متعلّقةً بالطبائع دون الأفراد.
ولا يخفى أنّ المراد: أنّ متعلّق الطلب في الأوامر هو صِرف الإيجاد، كما أنّ متعلّقه في النواهي هو محض الترك، ومتعلّقهما هو نفس الطبيعة المحدودة بحدود، والمقيّدة بقيود، تكون بها موافقةً للغرض والمقصود، من دون تعلُّقِ غرضٍ بإحدى الخصوصيّات اللازمة للوجودات، بحيث لو كان الانفكاك عنها بأسرها ممكناً، لما كان ذلك ممّا يضرّ بالمقصود أصلاً، كما هو الحال في القضيّة الطبيعيّة في غير الأحكام، بل في المحصورة على ما حقّق في غير المقام (٢).
__________________
(١) في المبحث الأول من الفصل الثاني من فصول صيغة الأمر.
(٢) انظر الأسفار ١: ٢٧٠.