على ما تلبّس بالمبدأ، ولا يعصي عن الجري عليه ؛ لما هما عليه من نحوٍ من الاتّحاد، بخلاف المبدأ، فإنّه بمعناه يأبى عن ذلك، بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره، لا هو هو، وملاك الحمل والجري إنّما هو نحوٌ من الاتّحاد والهوهويّة.
وإلى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما من أنّ المشتقّ يكون لا بشرط، والمبدأ يكون بشرط لا (١)، أي: يكون مفهوم المشتقّ غيرَ آبٍ عن الحمل، ومفهومُ المبدأ يكون آبياً عنه.
وصاحب الفصول رحمهالله - حيث توهّم أنّ مرادهم إنّما هو بيان التفرقة بهذين الاعتبارين، بلحاظ الطوارئ والعوارض الخارجيّة مع حفظ مفهوم واحد - أورد عليهم بعدم استقامة الفرق بذلك ؛ لأجل امتناع حمل العلم والحركة على الذات وإن اعتبرا لا بشرط (٢)، وغفل عن أنّ المراد ما ذكرنا (٣)، كما يظهر منهم من بيان الفرق بين الجنس والفصل، وبين المادّة والصورة، فراجع (٤).
٣ - ملاك الحمل
الثالث: ملاك الحمل - كما أشرنا إليه (٥) - هو الهوهويّة والاتّحاد من وجهٍ، والمغايرة من وجهٍ آخر، كما يكون بين المشتقّات والذوات.
مناقشة ما أفاده الفصول في المقام
ولا يعتبر معه ملاحظة التركيب بين المتغايرين، واعتبار كون مجموعهما - بما هو كذلك - واحداً، بل يكون لحاظ ذلك مخلّاً ؛ لاستلزامه المغايرة بالجزئيّة والكلّيّة.
__________________
(١) راجع الأسفار ١: ١٦ - ١٨، وشرح المنظومة ( قسم المنطق ) ٢٩ - ٣٠.
(٢) الفصول: ٦٢.
(٣) في بداية هذا الأمر، حيث قال: إنّه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبّس بالمبدأ.
(٤) راجع الأسفار ٧: ١٦. ( الفصل الرابع في الفرق بين الجنس والمادة و... ).
(٥) في الأمر الثاني.