ثمّ إنّه لا إشكال في ما إذا عُلم بأحد القسمين.

حكم الشك في النفسيّة والغيريّة

وأمّا إذا شكّ في واجبٍ أنّه نفسيٌّ أو غيريٌّ، فالتحقيق: أنّ الهيئة وإن كانت موضوعةً لما يعمُّهما، إلّا أنّ إطلاقها يقتضي كونَه نفسيّاً ؛ فإنّه لو كان شرطاً لغيره لوجب التنبيه عليه على المتكلّم الحكيم.

إشكال الشيخ الأنصاري في المقام والجواب عنه

وأمّا ما قيل (١) من أنّه: « لا وجه للاستناد إلى إطلاق الهيئة لدفع الشكّ المذكور، بعد كون مفادها الأفراد الّتي لا يعقل فيها التقييد. نعم، لو كان مفاد الأمر هو مفهوم الطلب صحّ القولُ بالإطلاق، لكنّه بمراحل عن الواقع ؛ إذ لا شكّ في اتّصاف الفعل بالمطلوبيّة بالطلب المستفاد من الأمر، ولا يعقل اتّصاف المطلوب بالمطلوبيّة بواسطة مفهوم الطلب ؛ فإنّ الفعل يصير مراداً بواسطة تعلّق واقع الإرادة وحقيقتها، لا بواسطة مفهومها. وذلك واضح لا يعتريه ريب ».

ففيه: أنّ مفاد الهيئة - كما مرّت الإشارة إليه - ليس الأفراد، بل هو مفهوم الطلب - كما عرفت تحقيقه في وضع الحروف (٢) -، ولا يكاد يكون فردَ الطلب الحقيقيّ (٣)، والّذي يكون بالحمل الشائع طلباً، وإلّا لما صحّ إنشاؤه بها ؛ ضرورةَ أنّه من الصفات الخارجيّة الناشئة من الأسباب الخاصّة. نعم، ربما يكون هو السبب لإنشائه، كما يكون غيره أحياناً.

واتّصاف الفعل بالمطلوبيّة الواقعيّة والإرادةِ الحقيقيّة - الداعيةِ إلى إيقاع

__________________

(١) قاله الشيخ الأعظم الأنصاريّ على ما في مطارح الأنظار ١: ٣٣٣.

(٢) في الأمر الثاني من مقدّمة الكتاب.

(٣) الأولى: إسقاط كلمة « فرد » ؛ لأنّ الطلب الحقيقي بنفسه فردٌ لمفهوم الطلب، ولا معنى لكون شيءٍ فرداً لهذا الفرد، بعد كون أفراد كل طبيعة متباينة، ولعلّ في العبارة سقطاً وكانت هكذا: ولا يكاد يكون فرده وهو الطلب الحقيقي، أو.... ( منتهى الدراية ٢: ٢٤١ ).

۳۸۳۱