وبالجملة: وجه لزوم إتيانها عبادةً، إنّما هو لأجل أنّ الغرض في الغايات لا يحصل إلّا بإتيان خصوص الطهارات من بين مقدّماتها أيضاً بقصد الإطاعة.
وفيه أيضاً: أنّه غير وافٍ بدفع إشكال ترتّب المثوبة عليها.
وأمّا ما ربّما قيل (١) - في تصحيح اعتبار قصد الإطاعة في العبادات - من الالتزام بأمرين: أحدهما كان متعلّقاً بذات العمل، والثاني بإتيانه بداعي امتثال الأوّل - لا يكاد (٢) يجدي (٣) في تصحيح اعتبارها في الطهارات ؛ إذ لو لم تكن بنفسها مقدّمة لغاياتها لا يكاد يتعلّق بها أمر من قِبَل الأمر بالغايات، فمن أين يجيء طلبٌ آخر من سِنْخ الطلب الغيريّ متعلّقٌ بذاتها، ليتمكّن به من المقدّمة في الخارج ؟ هذا.
مع أنّ في هذا الالتزام ما في تصحيح اعتبار قصد الطاعة في العبادة على ما عرفته مفصّلاً سابقاً (٤)، فتذكّر.
٢ - هل يعتبر في الطهارات قصد التوصّل إلى غاياتها ؟
الثاني: أنّه قد انقدح ممّا هو التحقيق في وجه اعتبار قصد القربة في الطهارات، صحَّتُها ولو لم يؤتَ بها بقصد التوصّل بها إلى غاية من غاياتها.
نعم، لو كان المصحّحُ لاعتبار قصد القربة فيها أمرَها الغيريّ، لكان قصد الغاية ممّا لابدّ منه في وقوعها صحيحةً ؛ فإنّ الأمر الغيريّ لا يكاد يمتثل إلّا إذا قُصِد التوصّل إلى الغير، حيث لا يكاد يصير داعياً إلّا مع هذا القصد،
__________________
(١) أورد المحقّق الرشتي في بدائع الأفكار: ٣٣٥ هذا الوجه، توضيحاً للوجه الثاني الذي ذكره الشيخ في كتاب الطهارة في دفع إشكال الدور عن اعتبار قصد القربة في المقدّمة.
(٢) كذا في الأصل والمطبوع، والأنسب: فلا يكاد.
(٣) في « ن »، « ق »، « ش » و « ر »: « يجزئ »، وفي محتمل الأصل، حقائق الأُصول ومنتهى الدراية مثل ما أثبتناه.
(٤) في بداية مبحث الواجب التعبّدي والتوصّلي، من امتناع دخل قصد القربة في متعلّق الأمر العباديّ.