يترتّب عليه (١) من المثوبة، وعلى تركه من العقوبة، ولايكاد يكون هذا إلّا بعد البعث بزمانٍ، فلا محالة يكون البعث نحوَ أمرٍ متأخّرٍ عنه بالزمان، ولا يتفاوت طوله وقِصَره - في ما هو ملاك الاستحالة والإمكان - في نظر العقل الحاكم في هذا الباب.
ولعمري ما ذكرناه واضحٌ لا ستْرَةَ عليه، والإطناب إنّما هو لأجل رفع المغالطة الواقعة في أذهان بعض الطّلاب.
إشكال رابع على الواجب المعلّق والجواب عنه
وربما أُشكل على المعلّق أيضاً بعدم القدرة على المكلّف به في حال البعث، مع أنّها من الشرائط العامّة (٢).
وفيه: أنّ الشرط إنّما هو القدرة على الواجب في زمانه، لا في زمان الإيجاب والتكليف، غاية الأمر يكون من باب الشرط المتأخّر (٣)، وقد عرفت (٤) بما لامزيد عليه أنّه كالمقارن، من غير انخرام للقاعدة العقليّة أصلاً، فراجع.
إشكال خامس على كلام صاحب الفصول
ثمّ لا وجه لتخصيص المعلّق بما يتوقّف حصوله على أمر غير مقدور (٥)، بل ينبغي تعميمه إلى أمرٍ مقدورٍ متأخّرٍ، أُخذ على نحوٍ يكون مورداً للتكليف،
__________________
(١) الأولى أن يقال: « على فعله من المثوبة » في مقابل: « وعلى تركه من العقوبة »... ( منتهى الدراية ٢: ١٩٧ ).
(٢) ورد هذا الإشكال والجواب عنه في الفصول: ٧٩ - ٨٠ بقوله: لا يقال: إذا توقف فعل الواجب على شيء غير مقدور له... لأنّا نقول.
(٣) إنّ في العبارة تهافتاً ؛ لأنّ مقتضى قوله: « إنّ الشرط إنّما هو القدرة على الواجب » أن تكون القدرة شرطاً للواجب، ومقتضى قوله: « يكون من باب الشرط المتأخّر » أن تكون القدرة شرطاً للوجوب. راجع منتهى الدراية ٢: ١٩٨ - ١٩٩.
(٤) في البحث عن الشرط المتأخّر. إذ قال: والتحقيق في رفع هذا الإشكال... فكون أحدهما شرطاً للتكليف أو الوضع ليس إلّا أنّ للحاظه دخلاً في تكليف الآمر كالشرط المقارن بعينه. راجع الصفحة: ١٣٤.
(٥) صرّح في الفصول بعدم الفرق بين غير المقدور والمقدور، ومثّل للثاني بما لو توقّف الحج المنذور على ركوب الدابّة المغصوبة. ( حقائق الأُصول ١: ٢٤٨ ) ويراجع الفصول: ٧٩ - ٨٠.