إن قلت: كيف لا يجديه، ومقدّمة الواجب واجبة ؟

قلت: إنّما تجب المقدّمة لو لم تكن محرّمة، ولذا لا يترشّح الوجوب من الواجب إلّا على ما هو المباح من المقدّمات، دون المحرّمة، مع اشتراكهما في المقدّميّة.

وإطلاق الوجوب (١) بحيث ربما يترشّح منه الوجوب عليها مع انحصار المقدّمة بها، إنّما هو في ما إذا كان الواجب أهمَّ من ترك المقدّمة المحرّمة، والمفروض هاهنا وإن كان ذلك، إلّا أنّه كان بسوء الاختيار، ومعه لا يتغيّر عمّا هو عليه من الحرمة والمبغوضيّة، وإلّا لكانت الحرمة معلّقةً على إرادة المكلّف واختياره لغيره، وعدمُ حرمته مع (٢) اختياره له، وهو كما ترى، مع أنّه خلاف الفرض، وأنّ الاضطرار يكون بسوء الاختيار.

٣ - مختار الشيخ الأنصاريّ

إن قلت: إنّ التصرّف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول والبقاء حرامٌ بلا إشكال ولا كلام. وأمّا التصرّف بالخروج الّذي يترتّب عليه رفع الظلم، ويتوقّف عليه التخلّص عن التصرّف الحرام، فهو ليس بحرام في حالٍ من الحالات، بل حاله مثل حال (٣) شرب الخمر، المتوقّف عليه النجاة من الهلاك، في الاتّصاف بالوجوب في جميع الأوقات.

ومنه ظهر المنع عن كون جميع أنحاء التصرّف في أرض الغير - مثلاً - حراماً قبل الدخول، وأنّه يتمكّن من ترك الجميع حتّى الخروج ؛ وذلك لأنّه

__________________

(١) في « ر »: وإطلاق الوجوب وأهميّة الواجب.

(٢) الظاهر: كون كلمة « مع » غلطاً، وحقّ العبارة أن يقال: على اختياره له ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ٢: ١٦٩ )، وراجع منتهى الدراية ٣: ١٥٥.

(٣) أثبتنا العبارة من « ر »، « ق »، « ش » وفي غيرها: بل حاله حال مثل.

۳۸۳۱