قلت: العقابُ إنّما يتبع (١) الكفر والعصيان التابعين للاختيار، الناشئ عن مقدّماته، الناشئة عن شقاوتهما الذاتيّة اللازمة لخصوص ذاتهما، فإنّ السعيدَ سعيدٌ في بَطْنِ امّه والشقيَّ شقيٌّ في بَطْنِ امّه (٢)، و « الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة » (٣) - كما في الخبر -، والذاتيّ لا يعلّل، فانقطع سؤال: أنّه لِمَ جُعِلَ السعيد سعيداً والشقيّ شقيّاً ؟ فإنّ السعيد سعيدٌ بنفسه والشقيّ شقيٌّ كذلك، وإنّما أوجدهما الله - تعالى -.

 « قلم اينجا رسيد سر بشكست ». قد انتهى الكلام في المقام إلى ما ربما لا يسعه كثير من الأفهام، ومن الله الرشد والهداية، وبه الاعتصام.

إشكالٌ آخر على اتحاد الطلب و الإرادة و الجواب عنه

وهمٌ ودفعٌ:

لعلّك تقول: إذا كانت الإرادة التشريعيّة منه - تعالى - عين علمه بصلاح الفعل لزم - بناءً على أن تكون عينَ الطلب - كونُ المنشأ بالصيغة في الخطابات الإلهيّة هو العلم، وهو بمكان من البطلان.

لكنّك غفلت عن أنّ اتّحاد الإرادة مع العلم بالصلاح إنّما يكون خارجاً، لا مفهوماً، وقد عرفت (٤): أنّ المُنشأ ليس إلّا المفهوم، لا الطلب الخارجيّ، ولا غَرْوَ أصلاً في اتّحاد الإرادة والعلم عيناً وخارجاً، بل لا محيصَ عنه في جميع صفاته - تعالى - ؛ لرجوع الصفات إلى ذاته المقدّسة. قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام:

« وكمالُ توحيده الإخلاصُ له، وكمالُ الإخلاص له نفيُ الصفات عنه » (٥).

__________________

(١) أثبتناها من « ر »، « ق » و « ش ». وفي غيرها: بتبعة. وفي حقائق الأُصول: يستتبعه.

(٢) نقلٌ بالمضمون للحديث المروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. انظر التوحيد: ٣٥٦.

(٣) الكافي ٨: ١٧٧ عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٤) في الجهة الرابعة من البحث عن مادة الأمر.

(٥) نهج البلاغة، الخطبة الأُولى.

۳۸۳۱